الثلاثاء، 16 أبريل 2013

قضية الإشاعات


بقلم الشيخ :حمد حسن رقيط

الإشاعة هي أحاديث وأقوال وأخبار يتناقلها الناس دون التثبت من صحتها أو التحقق من صدقها، أو هي أخبار مشكوك في صحتها ويتعذر التحقق من أصلها وتتعلق بموضوعات لها أهمية لدى الموجهة إليهم، ويؤدي تصديقهم أو نشرهم لها إلى إضعاف روحهم المعنوية، أو تشويه صورتهم وسمعتهم.

والإشاعة التي توجه ضد المسلمين، تستهدف النيل من عقيدتهم ومن أنبيائهم ومن أشخاصهم، ومن خلال التأمل في حياة الأنبياء - عليهم السلام - وورثتهم، نجد أنهم جوبهوا بأساليب متعددة من الإشاعة والافتراء، طمعاً في الوقوف ضد دعوتهم ومحاولة في الصد عن سبيلهم، فهذا نوح - عليه السلام - أشاع عنه قومه بأنه " يريد أن يتفضل عليكم" أي يتزعم ويتأمر واتهموه هو ومن معه من المؤمنين بالكذب " بل نظنّكم كاذبين ". (هود: الآية 27). وأشاعوا عنه الجنون "وقالوا مجنون وازدُحروا ". (القمر: الآية 9).

وهذا هو هود - عليه السلام - يواجه نفس الاتهامات، فيرميه قومه بالطيش والخفة " إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنّك من الكاذبين ". (الأعراف: الآية 66). وهذا موسى - عليه السلام - يحمل دعوة ربه إلى فرعون وقومه، فيواجهون موسى بهذه الشائعات كما يقول الله - تعالى -: " إن هذا لساحر عليم يريد أن يُخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون ". (الشعراء: الآية 35). 

وهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ووجه من قبل الأعداء منذ بداية الدعوة الإسلامية وطول العهد المكي بحملات الإشاعة والتشكيك، واستمروا في ذلك حتى في الفترة المدنية. وقد جاء في سيرة ابن هشام: " ثم إن قريشاً اشتد أمرهم للشقاء الذي أصابهم في عداوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومن أسلم معه منهم، فأغروا به سفهاءهم فكذبوه وآذوه ورموه بالشعر والسحر والكهانة والجنون".

واستمر أعداء الإسلام.. وإلى يومنا هذا يصورون دعاة الحق ويشيعون عنهم بأنهم طلاب دنيا أو طلاب ملك أو طلاب عنف وتطرف، ويحاولون بث التشكيك وإثارة الشبهات ضد الدعوة والدعاة لينصرف عنهم الناس ولا يستجيبوا لدعوة الحق.

والإسلام قد دعا المسلمين إلى التحصن من الإشاعة ومقاومتها، بأساليب حكيمة وبطرق متعددة، ومن ذلك:

1. إحسان الظن بالمسلمين وإقرار الثقة المتبادلة بين المؤمنين والمؤمنات، ما لم يثبت بدليل قطعي ما يخدش هذه الثقة كما قال الله - تعالى -: " لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون ". (النور: الآية 13).

2. عدم تداول الإشاعة وردها إلى أهل الأمر والاختصاص، قال الله - تعالى -: " ولو لا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم ".

3. التثبت من نقل الأخبار ومصادرها وعدم إشاعتها حتى يتم التحقق منها، قال الله - تعالى -: " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالةٍ, ". (الحجرات: الآية 6).

4. الإشاعة كذب وبهتان.. " إنما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون ". (النحل: الآية 105).

5. الإشاعة ظن كما يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "وإن الظن أكذب الحديث ". (رواه البخاري).

6. الإشاعة وسيلة الجبان والحسود والمنافق، قال الله - تعالى -: " إن الذين يحبّون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم ". (النور: الآية 19).

7. إتاحة الفرصة لحرية الرأي والنقد والتصحيح الفوري للأخطاء.
ـــــــــــــــــــ

*من كتاب( قضايا معاصرة في ميزان الإسلام ) تأليف: حمد حسن رقيط





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق