جاسم راشد الشامسى
الإثنين 30 يوليو 2012 1:09:23 PM
- السلطات اعتقلت 41 إسلاميا لأنهم طالبوا بالإصلاح
- اعتقال الإسلاميين بسبب شعبيتهم وخوفا من وصولهم إلى مراكز قيادية بالدولة
- الإمارات تستخدم رؤساء الأجهزة الأمنية المطرودين من شعوبهم كمستشارين أمنيين!
- الإماراتيون لا يريدون تغيير النظام وإنما فقط إطلاق الحريات ووقف الملاحقات الأمنية
حوار: جبريل محمد
أكد الناشط الحقوقى الإماراتى جاسم راشد الشمسى أن الثورات العربية أثرت
بشكل كبير على الإمارات، ودفعت أجهزتها الأمنية لتشديد قبضتها وتصعيد
إجراءاتها الأمنية، خشية وصول قطار الثورات إليها، وأنها استعانت بخبراء فى
الأجهزة الأمنية من دول الربيع العربى الذين طردتهم شعوبهم، مثل أحمد
شفيق، والراحل عمر سليمان، ومحمد دحلان
.
وعن أزمة سحب الجنسيات التى تعرض لها سبعة من الإسلاميين، قال الشمسى
لـ"الحرية والعدالة": إن سحب الجنسيات ورقة يستخدمها الأمن لتهديد هؤلاء
المفكرين بالتراجع عن مطالبهم بإطلاق الحريات، والكف عن الحديث عن تجاوزات
الأجهزة الأمنية التى أصبحت تتوغل فى كل شىء، وضيقت الخناق على المواطن
الإماراتى، الذى أصبح يشعر أنهم يعدون عليه أنفاسه، فبدأ يثور فكريا للحصول
على حرياته المسلوبة.
وأضاف: إن الأمن يعتقل هؤلاء المفكرين لا لجريمة ارتكبوها، وإنما لأنهم
طالبوا بإطلاق الحريات، ومنعوا أيضا المحامين من الدفاع عنهم، وكل من يحاول
أن ينصرهم يعتقل أو يهدد بالاعتقال، مشيرا إلى أن تخصيص الإسلاميين
بالاعتقال دون سواهم من المفكرين الذين وقعوا على عريضة إطلاق الحريات،
راجع لوجودهم القوى فى الشارع، وخوفا من وصولهم إلى مناصب قيادية إذا جرت
انتخابات نزيهة.
وفيما يلى تفاصيل الحوار :
*
هل يمكن أن يصل قطار الثورات إلى الخليج أم أنه مستبعد؟
ظروف الخليج تختلف عن بقية دول الثورات العربية، فالمنادون بحقوقهم فى
الخليج لا يرغبون فى إسقاط النظام، ولكنهم فقط ينادون بإصلاح النظام،
وإطلاق الحريات عن طريق انتخابات حرة، لا يكون فيها نوع من القيود الأمنية
التى تؤدى إلى تقييد المجالس التشريعية المنتخبة، فهم لا يطالبون بتغيير
شامل فى الخليج؛ لأنهم مؤمنون بالنظام الملكى، ففى الإمارات يدعو
الإصلاحيون إلى إطلاق الحريات، وكف الأجهزة الأمنية التى توغلت فى كل مكان،
وفى السعودية ينادون بإطلاق الحريات، أما البحرين فيختلف الأمر، فهذه
الاحتجاجات تأخذ شكلا طائفيا.
أما عما يقال عن غياب الإسلاميين عن الساحة السياسية فى الخليج،
فالإسلاميون منتشرون فى كل مكان فى دول الخليج؛ مثل جميعة "دعوة الإصلاح فى
الإمارات"، وغيرها فى الكويت وبقية دول الخليج، ودعوة الإصلاح فى الإمارات
متأثرة بأفكار جماعة الإخوان المسلمين، ولهم استقلاليتهم الكاملة فى إدارة
شئونهم، فالإسلاميون فى الفترة المقبلة سيكون لهم وجود قوى فى الخليج، رغم
الحملة الإقصائية الأمنية المنظمة التى يتعرضون لها لإبعادهم عن قلب
الشارع حتى لا يؤثر ذلك فى اختيار الشعب بشكل مباشر أو غير مباشر.
*
هل أثر فوز الإسلاميين فى دول الربيع العربى على إخوانهم فى الخليج؟
طبعا.. نحن الآن فى فترة صراع بين تأثير الانتخابات الحرة والهجمة
الإعلامية المسيسة التى يتعرض لها الإسلاميون لمنعهم من الوصول إلى بغيتهم،
والشعوب فى النهاية تريد إطلاق الحريات.
*
ماذا يحدث فى الإمارات بخصوص أزمة سحب الجنسيات؟
فى 3 مارس 2011 طالب 133 شخصا يمثلون مسئولين سابقين ونخبا وطنية وكتابا
وأكاديميين ورؤساء جمعيات مهنية وحقوقية فى عريضة بإطلاق الحريات وبتغيير
بعض المواد فى دستور الدولة، التى تخص المواد التشريعية، حيث إن المجلس
الوطنى الاتحادى الخاص بالتشريع معين، ولا يحق لأى شخص أن يرشح نفسه إلا
بناء على التعيين، ورفعت هذه العريضة للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس
الدولة لإطلاق الحريات، وبعد تقديمهم العريضة تعرضوا لهجمة إعلامية شرسة
ومنظمة، بدأت فى شهر إبريل 2011 بعد أيام قليلة من تقديمهم العريضة، فتم
التشهير بهؤلاء الناشطين والمفكرين الليبراليين، واستمرت حملة التشويه.
وفى شهر ديسميبر 2011 اعتقلت الأجهزة الأمنية سبعة من الإسلاميين من كبار
المفكرين، ووصل العدد حتى الآن إلى 41، من بينهم على الحمادى، ومحمد عبد
الرزاق صديق عضو هيئة علماء المسلمين، والشيخ سلطان بن كايد القاسمى رئيس
دعوة الإصلاح، وخالد محمد الشيبة النعيمى مدير عام جمعية الإرشاد، ود. محمد
على المنصورى دكتوراه فى القانون الدولى العام، ود. إبراهيم إسماعيل
الياسى وهو خبير إدارى واجتماعى، ود. حسين النجار خبير ومدرب إدارى
واجتماعى، وعبد الرحمن الحديدى مدير مركز تحفيظ القرآن، ود. شاهين الحوسنى
استشارى معلومات ومكتبات، والقاضى السابق د. أحمد الزعابى مدير التفتيش
القضائى، وأحمد غيث السويدى خبير تربوى واقتصادى، وحسن الجابرى خبير تربوى
وإدارى، وهددوا بسحب جنسيتهم وطردهم خارج البلاد.
والسلطات خيرتهم بين سحب الجنسية أو إيقاف طلباتهم الحقوقية الإصلاحية،
والكف عن الحديث عن الأمن الذى أصبح يتوغل فى كل شىء، فهم يطالبون بفك
القيد على الناس، خاصة الإسلاميين، الذين يتعرضون منذ عام 1994 لاعتقالات
وكسر القلم، ومختلف أنواع الاضطهاد.
*
هناك تقارير تتحدث عن تعرض "دعوة الإصلاح" لحملة اضطهاد.. ما حقيقة ذلك؟
هذا حقيقى، فدعوة الإصلاح التى تمثل الإسلاميين أوذيت فى أرزاقها
وأموالها، فلا يعين أحد ينتمى إلى هذه الدعوة فى الجامعات ولا القضاء ولا
أى وظيفة حكومية، وفى النهاية يتعرضون للتهديد بسحب الجنسية ثم اعتقالهم،
فقد تم تخييرهم بين سحب الجنسية ويتركون البلد أو يعتقلون، فاختاروا
الاعتقال.. فكيف يتركون البلاد؟!، وحتى الآن لم يصدر مرسوم رسمى بسحب جنسية
هؤلاء، فهو حتى الآن حديث شفوى، والأمن لم يظهر للعيان المرسوم الذى صدر،
وفى البداية أعطى لهم صورة من المرسوم ثم أخذت منهم، وهذه الصورة كان عليها
الكثير من الملاحظات، من بينها أنه تم ترقيمها بالرقم اليدوى دون
الإجراءات الرسمية الطبيعية، ولم تعرض على المجلس الوزراء ولا المجلس
الوطنى.
فدعوة الإصلاح موجودة فى الدولة منذ 38 عاما، وهى دعوة إسلامية بفكر
الإخوان المسلمين، ولديها جمعيات إصلاحية، وبدأت العمل فى الإمارات بموافقة
رسمية من الدولة، وأقامت أنشطة إسلامية، وتواصلوا مع الشعب على مستوى
الإمارات، ومنذ عام 1994 أرادات السلطات الأمنية أن تحجم هذه المنابع
فحاصرتهم فى المساجد، ومنعتهم من اعتلاء منبر الخطابة، وأنهت خدمات كثير
منهم من وظائفهم وأرسلوهم إلى الأعمال الخدمية، مثل الكهرباء وإدارة
الأشغال، هذا النهج من محاصرة أعضاء الدعوة فى الوظائف امتد إلى كل
المواطنين فى المصالح الحكومية، فلا يستطيع أى مواطن أن يفعل أى شىء إلا
إذا حصل على موافقة أمنية، ولا حتى تعديل مسماه الوظيفى فى بطاقة الهوية،
ولا يستطيع أن يفتتح محلا اقتصاديا إلا بموافقة أمنية، ولا أن يتواصل مع
الناس من خلال حوارات ثقافية أو إقامة منتديات أو أنشطة إلا بموافقة أمنية.
كما منعت السلطات الأمنية علماء ومفكرين مثل القرضاوى وطارق سويدان من
دخول البلاد، ورغم هذا الكبت إلا أنهم صبروا، وزادت السلطات بعد الربيع
العربى من عنفها ضدهم، فبجانب السبعة الإسلاميين المعتقلين، اعتقلت نحو 40
شخصا ولم يقدموا للمحاكمة، ولم تثبت عليهم أى تهمة، ولم يخرج النائب العام
ليقول أسباب اعتقالهم، وهم يواجهون ظلما بشعا، فلا يوجد محام ينصرهم،
والمحامى الذى حصل على توكيل سجن أيضا.
وحتى المحامون الخليجيون منعوا من دخول الدولة، ومن ثم لم يصبح لهم ناصر
إلا الله، وهؤلاء أغلبهم علماء ومفكرون وخبراء ماليون وأطباء وسمعتهم طيبة،
وبعض هؤلاء اعتقل فى الشارع أو محطات البنزين، وبعضهم من بيتهم، حيث تم
تفتيش بيوتهم لمدة سبع ساعات.
*
هل يسمح الدستور الإماراتى بسحب الجنسية؟ ولماذا خصوا الإسلاميين بمرسوم السحب؟
نعم.. ولكن فى بعض الحالات فقط مثل الخيانة العظمى، أو المشاركة فى جيش
دولة أخرى ضد الدولة، أو ارتكاب جرائم كبيرة تضر بالدولة، ومن ثم يسمح
الدستور بسحب الجنسية منهم، ولكن هؤلاء لم يرتكبوا مثل هذه الجرائم.
وقد خصت السلطات الإسلاميين الموقعين على عريضة إطلاق الحريات بالملاحقات
والاعتقالات؛ لأن لديهم شعبية بالشارع ووجودهم مؤثر، ولديهم ومراكز
ميدانية، ويتفاعلون مع الشارع بشكل كبير، فقام الأمن بمحاصرتهم خوفا من أن
يكون لهم غدا صوت بارز إذا أقيمت انتخابات، خشية وصولهم إلى سدة الحكم،
والمراكز الرفيعة بالدولة، أما باقى المفكرين فليس لهم قاعدة كبيرة فى
الإمارات.
والخلاصة أن الحياة فى الإمارات حاليا عبارة عن تدافع بين مواطنين أحرار
يريدون حقوقهم التشريعية المسلوبة وبين سلطات قمعية تحاول أن تحارب هذه
المطالب، والذى يزيد الأمر تعقيدا أن هذا الفكر الأمنى هو نفسه الذى اتبعته
دول الربيع العربى وفشلت.
فالقمع واستخدام العنف لم ينجحا فى إزالة الفكرة المطالبة بالحرية،
فالسلطات لا تسطيع أن تزيل الفكرة من المجتمع، ومع تزايد القمع ضد
المواطنين الأحرار، زاد التعاطف الشعبى معهم، وأصبح هناك تعاطف كبير مع
الحركة الإصلاحية، فليس هناك سبيل إلا الحريات
.
فالإماراتيون لا يريدون تغيير النظام وإنما يريدون فقط إطلاق الحريات،
ووقف التوغل الأمنى، الذى أدى إلى إرهاق المجتمع، فقد أصبح كثير من
المواطنين ممنوعين من السفر، وبعض الإسلاميين لا يسمح لهم بدخول البلاد،
وبعض المحتجزين لديهم أسر، وبعضهم لديه أمراض معينة وتحتاج إلى رعاية لا
يحصلون عليها، ومع بروز أحداث الربيع العربى صاعدت السلطات إجراءاتها ضدهم،
واستعانت ببعض الخبراء الأمنيين؛ مثل آخر رئيس وزراء فى عهد حسنى مبارك
أحمد شفيق، والفلسطينى محمد دحلان، للاستفادة من أفكارهم الأمنية، وهذا
أيضا أثر على الأوضاع، فالإمارات ليس من مصلحتها أن تنتهج هذا النهج، فالحل
الأمنى فاشل، الحل الوحيد هو إطلاق الحريات وتقبل الشعب، وليس استخدام
النظريات الأمنية
.
ويجب التحاور مع هؤلاء المطالبين بالإصلاح لنهضة البلاد،
فالإمارات لديها كثير من المشاكل؛ على رأسها التركيبة السكانية، والأزمات
الاقتصادية، واللغة العربية التى أصبحت ضعيفة جدا، وندعو كل منظمات حقوق
الإنسان إلى الضغط على السلطات لإطلاق سراح هؤلاء الإسلاميين الأحرار.______________________________________________
المصدر:
موقع بوابة الحرية والعدالة : www.fj-p.com/?z=pr&ID=10098&L=A