الاثنين، 1 يوليو 2013

العدل أساس الملك


بقلم : الأستاذ ‎خالد الشيبة*

"العدل أساس الملك "،هذه عبارة غالبا مانجدها معلقة خلف القاضي في محاكم الدول العربية ، ولوجودها في قاعة المحكمة مغزىً عظيم ،وغاية جليلة ،ذلك إن الفصل، والحكم النهائي ،في كل الخصومات، يتم عند القضاء ،حتى ولو كانت الخصومة بين الحاكم و أحد رعاياه ،فالكل أمام القضاء سواء ،فلا سلطة لأيً كان على القاضي في حكمه النهائي مما يجعل حكمه ملزماً لكل الأطراف المتخاصمة.

ومن هنا كان القضاء المستقل و النزيه في كل العصور مصدر استقرار و أمان للدول و الشعوب في مسيرتها الحضارية. ولهذا جاء القرآن الكريم بفصل الخطاب لكل المتخاصمين ،و المختلفين، مهما تدنى شأنهم أوعلا بقوله تعالى :" فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" النساء:65 .

المتأمل في الآية يلحظ أن التركيز فيها جاء على أمرين :-

1- مما قضيت ،أي بما يحكم به القضاء.

2- وجوب الرضي بالحكم، مالم يخالف دستور الدولة ،وقوانينها القائمة على شرع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .

ولأهمية العدل في القضاء، وخطورة نتائجه ،حرصت الشرائع السماوية ،والأرضية ،على جعله مستقلا ،وبعيداً عن نفوذ السلطات الحاكمة ، أو العناصر المنحرفة في المجتمع .

ففي القضاء العادل شفاء للصدور، واستقرار للنفوس، وإخماد لكل أنواع الفتن، و الاضطرابات المجتمعية ،والسياسية ،و ضمان لتقدم العجلة التنموية، دون توقف أو بطئ في المسيرة .

فالظلم ،أو الشعور به ،إذا توسعت دائرته في أي مجتمع ،وأصبح ممارسة عرفية، يمارسها كل قوي مع كل ضعيف، فإن الضعيف لابد أن يستجمع قوته، و إمكاناته، للانتصار لنفسه بشتى الطرق، و الوسائل ،مما يدخل البلد في صراع لا يعرف نتائجه ،و عقباه ،إلا الله عز وجل ،و لهذا شواهد كثيرة،ولذلك قيل "إن دولة الظلم ساعة ،ودولة العدل إلى قيام الساعة ".

ومن هذه الشواهد الحاضرة ،ما يقع اليوم من ظلم على الشعب السوري من سلطته الحاكمة، مما دفع الشعب للخروج في تظاهرات ،و اعتصامات ،و إضرابات، لم ولن توقفها الآلة العسكرية المدمِرة، حتى يأخذ حقه و لكن بضريبة غالية ومرتفعة الثمن من دمه ، وعرضه ، ومن خيرات بلاده ،ولو كان النظام عادلاً، لوفر على نفسه، وعلى شعبه ،الخسائر البشرية ،و المادية ،ولكان مثلاً يحتذي به في العدل والإنصاف.

ولذلك ،لا تنتظر أي نتائج ايجابية ،لأي واقع سياسي أو مجتمعي تكون فيه السلطة في ذات الوقت هي الخصم والحكم ، ولتحقيق العدالة لابد من الفصل بين السلطات، و احترام هذا الفصل، وجعله خطاً احمر قاني و لن يكون ذلك إلا بأمرين :-

1 - ان يأمن القاضي على سلامة حياته ،و معاشه، من الأذى و المصادرة إذا حكم بالعدل .

2- و جود مرجعية دستورية ،و قانونية ،مقره من أغلبية شعبية ،يكون الاحتكام إليها نهائياً ،حال الخصومة بين أي طرفين في الدولة .

و السؤال الذي يطرح نفسه ويلح علينا أين نجد موقع إخوتنا أبناء دعوة الاصلاح السبعة المسحوبة جنسياتهم من كل هذا العرض وهذا الكلام .

نقول للأسف، تم سحب الجنسيات من الاخوة السبعة، دون إي إجراء قانوني سليم، أو إستنادا إلى قانون جزائي واضح ،و دون أن يمر في قناته الطبيعية والمتعارف عليها دوليا، ألا وهي القضاء.

فقد اختصرت الإجراءات ،و التعامل مع أصحابها بطريقة هي أبعد عن احترام الذات الإنسانية، أو الهوية الوطنية، و دون مبالغة وللأسف حتى روح شريعتنا الإسلامية والتي قال الله تعالى فيها " وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى".

وكيف يكون لأي حكم صفة العدالة والانصاف وقد تم اصداره واقراره بعيدا عن القانون والدستور والقضاء

ولأن العدل أساس الملك ،و لأننا حريصون على بقاء الحكم في بلادنا مستقراً ،و لأننا لا نرضى عنه بديلاً ،فإننا ننتظر من قاضي الأرض الذي سيحكم في قضيتهم أن يحكم بالعدل و هذا ما نظنه ونرجوه و لا تأخذه في الله لومة لائم .

و في سابقة تاريخية مشرقة لرموز الحكم و السلطة في بلادي يروي والدي محمد عبدالله الشيبة - أطال الله في عمره- عن الشيخ راشد بن حميد النعيمي رحمه الله عضو المجلس الأعلى و حاكم إمارة عجمان سابقاً ،أن أحد رعاياه خاصمه عند القاضي عبدالكريم البكري رحمه الله، فما كان من القاضي إلا أن استدعى الشيخ راشد رحمه الله إلى مقر القضاء ،و أجلسه إلى جانب خصمه كأي فرد من الرعية ،و تم تداول القضية بالسؤال و الجواب لكليهما ،و خرج القاضي بالحكم لصالح المشتكي على الحاكم، فما كان من الشيخ راشد إلا أن اظهر رضاه عن حكم القاضي، وأثنى عليه ،و طيب خاطر المشتكي ،ونحن في "دعوة الاصلاح" واثقون بإننا لن نرى بإذن الله من حكام الإمارات السبع وعلى رأسهم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد أل نهيان رئيس الدولة أي جور متعمد في حق أي فرد من رعاياهم.

وأنني لأ أحلم بل أنا على يقين بإن هذه القضية ستنتهي عند صاحب السمو رئيس الدولة بإلغائها برمتها ولتشمل الإفراج عن كل المسجونين والمحجوزين أمنياً.. لا لذنب اقترفوه.. سوى إنهم من دعاة الإصلاح :

((رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ....)) البقرة اية 126


* مدير جمعية الارشاد الاجتماعي بعجمان .كتب المقال في الثلاثين من مايو 2012، وتم اعتقال الكاتب في يوليو 2012.










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق