الخميس، 31 يناير 2013

تلبيس أعداء الرسل



 
بقلم :د. سلمان العودة

هناك ملاحظة هامة حول قضية التلبيس التي يحدثها أعداء الرسل، لاحظ قول الله عز وجل: ((شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً )) [الأنعام:112] إذاً هناك مؤامرة عالمية ليست جديدة كما نتصور، صحيح أنها قد تطورت الآن وأخذت شكلاً جديداً، وأسلوباً جديداً، وبعد جديداً، لكنها قديمة، وهي الحرب الإعلامية ضد الإسلام، وحملة الإسلام، وحملة السنة، والتي تشوه الحق وتلبسه لبوس الباطل، وتلبس الباطل لبوس الحق بتزين الألفاظ وزخرفة العبارات((زُخْرُفَ الْقَوْلِ )) [الأنعام:112] ولذلك يقول القائل: في زخرف القول تزيين لباطله والحق قد يعتريه سوء تعبير تقول هذا مجاج النحل تمدحه وإن تشأ قلت ذاقيء الزنابير مدحاً وذماً وما جاوزت وصفهما والحق قد يعتريه سوء تعبير.

فالمعنى الواحد قد يعبر عنه الإنسان بلفظ واحد، أو لفظين، أو عبارتين بينهما بون شاسع.
وأذكر طرفة -في هذا المجال- وهي لا تخلو من فائدة، يقولون: إن أحد الخلفاء رأى في منامه أن أسنانه سقطت، فقال: عليَّ بمن يعبرون الرؤيا، حتى يعبروها لي! فجيء بمعبر، فقال له: إني رأيت في المنام أن أسناني سقطت، فقال: يموت أولادك كلهم وأنت حي، فغضب عليه الخليفة وأمر بجلده مائة جلدة! وقال: عليَّ بمعبر آخر! فجيء له بمعبر آخر حكيم فقص عليه رؤياه! فقال له هذا المعبر: يا أمير المؤمنين أنت أطول أهلك عمراً، فأمر له بجائزة ضخمة والنتيجة واحدة، فما دام أنه أطول أهله عمراً فمعنى ذلك أنهم سيموتون قبله لكن الأسلوب الذي قدم له به في الحقيقة يختلف، فالحق -أحياناً- قد يعتريه سوء تعبير، قد يُعبر الإنسان عن الحق بعبارة لا تخدم الحق، بل ربما يصور بعض المغرضين الحق بصورة الباطل، من ذلك: أنك قد تجد -مثلاً- أن إنساناً يعمل بسنة من السنن، وهذه السنة متفق على أنها من السنن؛ فلو قال للناس: إن فلاناً يعمل بهذه السنة لقال له الناس: وماذا؟ هذا إنسان متبع مجتهد ويجب أن يشكر على عملة؛ لكنه لا يقول هذا بل يقول: إن فلاناً متنطع فيه كذا وكذا، وأنه يعتبر هذه السنة واجب، وقد يكفر من لا يعمل بها، وقد يعدها ركناً من أركان الإسلام، وبذلك ألبس الحق لبوس الباطل ولبَّس به على الناس.

الآية توضح الحملة، أو توضح الجهد الإعلامي الذي يبذله أهل الباطل في تزيين باطلهم، أو في تشويه الحق
(( يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً )) [الأنعام:112].
ولذلك نجد الحملة الإعلامية العالمية اليوم ضد الإسلام، وكثيراً ما نسمع في الأخبار تسمية المسلمين -مثلاً- بالأصوليين، أو بالمتشددين، أو بالمتطرفين، أو غير ذلك من العبارات التي تبثها وكالات الأنباء العالمية، وتتناقلها أحياناً الإذاعات الإسلامية والصحافة في البلاد الإسلامية على أنها عبارات دارجة، ويصبح يقولون: هؤلاء أصوليون، وهؤلاء متشددون ومتطرفين إلى غير تلك العبارات التي يلبسون بها على الناس الحق بالباطل.

إنه في كثير من البلاد التي تتشدق بـالديمقراطية مثل أوروبا وغيرها أصبح هناك ما يسمى بالدكتاتورية المقنعة، ففي روسيا وغيرها كان الناس يحكمون بالحديد والنار، والصوت المخالف يخنق بالقوة؛ لكن في أمريكا وأوروبا والدول التي تتشدق بـالديمقراطية يستطيعون أن يقضوا على الصوت المخالف بكل سهولة، فهم يسخرون أجهزة الإعلام لصياغة عقول الناس، بحيث إذا أرادوا أمراً من الأمور جندوا كافة الأجهزة الإعلامية لإقناع الشعوب بأن الأمر بهذه الصورة، ولذا تجد أن الناس عن طواعية واختيار يتجهون نحو الأمر الذي يراد لهم، وهذه دكتاتورية أخطر، لأن دكتاتورية الحديد والنار يمكن أن يتمرد الناس عليها كما تلاحظون أو تسمعون الأخبار في روسيا وبعض المناطق الإسلامية التي أصبح فيها هيجان وتمرد؛ لكن تلك الديكتاتورية الإعلامية في تلك الدول التي تتسمى بالديمقراطية كثير من الناس يشعرون أنه لا أحد يفرض عليهم شيئاً، في الوقت التي تفرض عليهم أشياء كثيرة في الواقع بمحض اختيارهم من خلال أجهزة الإعلام المختلفة.

مثل آخر: قضية الأدب والشعر وغير ذلك من الوسائل المهمة. في كثير من البلاد الإسلامية أصبحت وسائل للهدم والتخريب كان يكتب كاتب في أي بلد إسلامي قصة ينشر منها مئات الآلاف من النسخ في المكتبات المختلفة خلال فترة وجيزة، لأنها قصة تتحدث عن قضايا الغريزة والجنس والإثارة، فيَقبل عليها الشباب والفتيات إقبالاً كبيراً، والروايات والقصص التي كتبها أمثال
نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس وغيرهم من الروائيين والقُصّاص والكتّاب، إضافة إلى ألوان كثيرة من الأفلام والمسلسلات والمسرحيات، إضافة إلى أعداد هائلة من الدواوين الشعرية التي تسير في هذا الاتجاه، زخرفت الباطل وزينته بالحق كم من ديوان صدر لمثل لـنـزار قباني وتلقفته الأيدي في كل مكان، وترى الكتاب يباع بأغلى الأسعار، ولا تخلو منه مكتبة، ومئات الآلاف من النسخ تطبع منه، فيروج بشكل رهيب، لماذا؟ زخرف القول تزيين الباطل! فهذا نموذج يؤكد لك أن الكلمة من أخطر ميادين الصراع بين الأنبياء وأعدائهم.
كلمة الحق لها وقع كبير، وبالمقابل كلمة الباطل لها تأثير كبير، وأهل الباطل يعملون على زخرفة باطلهم بالعبارات الرنانة، والكلمات المعسولة.

والذين ينخدعون بهذه الأشياء من هم؟ يقول الله تعالى فيهم:
(( وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُون بِالْآخِرَة )) [الأنعام:113] إذاً: لا تروج هذه الأشياء إلا حين يكون هناك خواء وفراغ روحي وعقلي، فتصبح الشعوب مستعدة لتلقي هذا الزخرف من القول، فلو كان عند الناس وعي لما تأثروا بهذا الباطل! لكن المؤسف أنه في غياب الوعي، وفي غياب الإيمان بالآخرة، وفي غياب المفاهيم الصحيحة يكون هناك فراغ يمكن أن يملأ بهذه الأشياء، وهذه القضية أيضاً تؤكد على حملة رسالة الإسلام أنهم لا بد أن يستفيدوا من أجهزة الإعلام مسموعة أو مقروءة أو مرئية في الدعوة إلى الحق وحمايته ونشره، وبناء الفضيلة والأخلاق، وأنه لا بد أن يستفيدوا من الوسائل الأدبية: من القصة، ومن المقالة، ومن القصيدة، في الوصول إلى كافة الطبقات من الناس وإيصال الحق إليهم، فليست -مثلاً- المحاضرة، أو الدرس العلمي، أو الخطبة، أو الموعظة هي الوسيلة الوحيدة، نعم هذه لا شك هي وسائل لها تأثير ولها جمهور ولكن هناك جمهور، آخر لا بد له من وسائل أخرى؛ لأن الحق لا يجب أن يصل إلى كل أذن بقدر ما يستطاع: وقد بين ذلك الله سبحانه وتعالى الصراع في هذه الناحية بقوله جل وعلا: ((أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ )) [إبراهيم:24-26] فالكلمة الطيبة تقارع الكلمة الخبيثة، ولا بد أن تقال في كل ميدان وفي كل وسيلة حتى تفعل هذه الكلمة الطيبة فعلها.
 


قصة بليغة


يحكى أن ملكًا ظالمًا مستبدًّا، ضاق ذرعا برجلٍ من الصالحين من رعيته، فأراد أن ينكِّل به ويضيّق عليه، فأمر بحبسه، وبعد فتره أرسل أحد رجاله إلى السجن لينقل له الحالة التي عليها هذا الرجل الصالح، ليتلذذ الملك ويفرح بما عليه الرجل الصالح من ضيق وكرب بعد سجنه، ولما وصل رسول الملك إلى السجن وجد الرجل الصالح في محبسه آمنًا مطمئنًا فرحًا مسرورًا، فاندهش مندوب الملك لهذه الحالة، وسأله: ما سبب سعادتك وأنت في حبس وضيق؟
 
 فقال له الرجل الصالح: إني أتناول كل يوم دواءً مكونًا من سبعة عناصر يجعلني كما ترى، فسأله وما هذا الدواء وما عناصره؟ قال الرجل الصالح:
العنصر الأول: أني أثق بربي ثقةً مطلقةً تجعلني أطمئن إلى كل ما يقدره لي سبحانه هو خير، وإن بدا لي أنه شر:
﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216 البقرة.
 العنصر الثاني: أني أعلم أن أقدار الله نافذة ولا مفرَّ منها، وأنه لا راد لقضائه، فوجب عليَّ أن أرضى بقضاء الله ولا أتبرم منه.
 العنصر الثالث: أني علمت أن ما أنا فيه هو امتحان من الله، وأن النجاح فيه يكون بالصبر والاحتساب. وأملي كبير أن الله سيعوضني عن هذا خيرًا، سواء في الدنيا أو الآخرة؛ ولهذا يذهب عني الضيق والقلق وأعيش في سجني مطمئنًا.
 العنصر الرابع: أني أيقنت أنه إن لم أصبر فماذا يفيد الجزع والحزن والغضب؟ وأن الجزع وعدم الصبر سيجعلان الهم الواحد همومًا كثيرةً، ويجعلان صاحبهما في قلق دائم واضطراب مستمر، فلا يستريح في نومه أو يقظته، ولا يستمتع بطعامه وعبادته.
 العنصر الخامس: أني علمتُ أنه ربما كنتُ أتعرض لبلاء أشد مما أنا فيه، فأحمد الله على ما أنا فيه من بلاء، وكما يقولون (مَن عرف بلاء غيره هان عليه بلاؤه)؛ ولذلك أنا مطمئن.
 العنصر السادس: أن مصيبتي ليست في ديني؛ لأن المصيبة الحقيقية تكون في دين المرء، بأن يكون على ضلال أو فسق أو كفر، وفيما عدا ذلك من مال وولد وبدن فكلها مصائب هينة وآثارها أقل بجانب مصيبة الدين، وهذا ما جعل حبيبنا المصطفى يدعو ربه فيقول:
"اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا".
العنصر السابع: أني في انتظار فرج الله بين لحظة وأخرى؛ لأني على يقين أن الأمور كلها بيد الله، وأن دوام الحال من المحال، وأن أشد ساعات الليل ظلمة قبيل الفجر، وأن مع العسر يسرًا، وهذا كله يجعلني كما ترى.
 
 فلما عاد المندوب إلى الملك وحكى له ما دار بينه وبين الرجل الصالح، والحالة الطبيعية التي عليها الرجل، فاغتاظ الملك مما سمع وقال: "أخرجوه فلا حيلةَ لي معه ومع أمثاله". انتهت القصة.
 

الاثنين، 21 يناير 2013

حوار من أجل الوطن


بقلم : خليفة راشد

أصبح واضحا للمنصفين والعقلاء اليوم تلك الحالة التي تعيشها الدولة من الاحتقان والتشنج ضد أصحاب الفكر الإصلاحي، سواء كانوا من الإسلاميين أو الليبراليين أو غيرها من المناهج الفكرية.
حالة التشنج والاحتقان هذه تلقي بظلالها سلبا على تلك الدولة التي عُرفت ومازالت تعرف باتخاذها المسار السلمي في حل الأزمات وبناء المواقف ولا أدل على ذلك من موقف الدولة تجاه قضية الجزر الثلاث.
الغريب في الأمر أن حالة التشنج والاحتقان هي حالة غريبة بل هي ( دخيلة) لم يعتد شعب الإمارات عليها، وهي بذلك تعارض التوجه العام والمعروف للدولة باتخاذها المسار السلمي للتعامل مع الاحداث الأمر الذي ساهم في استقرارها فانعكس ذلك إيجابا على اقتصادها وازدهارها وبالتالي مركزها العالمي.
إن الاختلاف في المناهج الفكرية لا ينبغي أن يقود الوطن إلى حروب بين طائفتين يكون الوطن هو الخاسر الأكبر فيها، فالحروب لم تنهِ خلافا مطلقا بل زادت الخلافات إشعالا وتعقيدا.
والمدخل لحل هذه الأزمة هو في فتح باب الحوار بين أبناء هذا المجتمع بصرف النظر عن توجهاتهم الفكرية، ليجلسوا على طاولة مستديرة يطرح الجميع رأيه، ويدلي الكل بدلوه بما يحقق مصلحة الوطن والمواطنين، على أن تكون  مصلحة الوطن هو المبتغى من ذلك الحوار.
إن طرح مبادرة الحوار ليس أمرا جديدا، بل هو تجديد لدعوة نادى بها كثيرون أفرادا كانوا أم قيادات في هذه الدولة .

ونختتم بالقول
إن مبادرة الحوار هي الحل الأنجح والغاية الأسمى التي تقوي مجتمعنا وتزيد من التماسك والتآلف بين أبناء الوطن، بعيدا عن الحزازية وبعيدا عن المذهبية وبعيدا عن التصنيفات لذا لنفتح باب ال #حوار_من_أجل_الوطن

السبت، 12 يناير 2013

حِلمِي على الظالمين أحلَّ المظلومين في أعلى عليين!!


إن حملات الاعتقال التي تتعرض لها دعوة الاصلاح، تكشف وبما لا يدع مجالاً للشك ،مدى الظلم البين الواقع عليها ، فهي في كل مناسبة تؤكد على احترامها وولائها للقيادة الرشيدة للدولة ممثلة بصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة يحفظه الله ، واخوانه حكام الامارات ،وأن منهجها في العمل يعتمد الإصلاح السلمي المتدرج.

كما تكشف تلك الحملات أيضًا، مدى حالة الارتباك واللا مسئولية من قبل جهاز الأمن في التعامل مع جماعة كبيرة لها أنصار ومحبين في طول البلاد وعرضها، يهدفون من وراء ذلك إلى اجتثاث جذورها وتجفيف منابعها، بالإضافةِ إلى حملات تشكيك يقومون بها ويهدفون من ورائها إلى تزييف الوعي وخداع الناس وإثارة الفتن ونشر البلبلة بين شبابها؛ حملات شرسة موجة قائمة على نشر الأكاذيب والأباطيل وإفساد ذات البين، مستخدمين في ذلك كافة وسائل الإعلام معتمدين على حفنةٍ من الكُتَّاب المرتزقة الذين يسيل لعابهم للمناصب والشيكات المليونية ؛ يزيفون الحقائق عندما يصورون المجرم على أنه حَمَلٌ وديع، والمصلح على أنه فاسدٌ وضيع، والفاجر على أنه تقي مطيع.

أما آن للظالمين وأجهزتهم الأمنية أن يتفكّروا في عاقبةِ أمرهم، لما ظلم أحمد بن طولون قبل أن يعدل استغاث المصريون من ظلمه وشكوا إلى احدى الصالحات فقالت لهم: متى يركب؟ قالوا: في غدٍ، فكتبت رقعة ووقفت بها في طريقه، وقالت: يا أحمد يا ابن طولون فلما رآها عرفها فترجَّل عن فرسه وأخذ منها الرقعة وقرأها فإذا مكتوب فيها: "ملكتم فأسرتم، وقدرتم فقهرتم، وخُوّلتم فعسفتم، ورُدت إليكم الأرزاق فقطعتم، وقد علمتم أن سهام الليل نافذة غير مخطئة لا سيما من قلوب أوجعتموها، وأكباد جوّعتموها، وأجساد عرّيتموها، فمحال أن يموت المظلوم ويبقى الظالم، اعملوا ما شئتم فإنا صابرون.. وجوروا فإنا بالله مستجيرون.. واظلموا فإنا إلى الله متظلمون ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ (الشعراء: 227)".. فانتهى عن ظلمه.
أما آن للظالمين وأجهزتهم الأمنية أن يتفكروا في عاقبة أمرهم.. أما آن لهم أن يكفوا عن ظلمهم.. أما فكَّروا في دعوة المظلوم عليهم.. أما استمعوا إلى أبي الدرداء حينما قال: "إيّاك ودمعة اليتيم، إيّاك ودعوة المظلوم فإنها تسري بالليل والناس نيام"، أما استمعوا إلى مسلم بن بشار حينما مرَّ على رجلٍ مظلومٍ يدعو على ظالمه فقال له: "كِلْ الظالم إلى ظلمه فهو أسرع فيه من دعائك عليه".. أما فكَّروا في نظرالله إليهم:
﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) (إبراهيم).
أما فكّكروا في غضب الله عليهم، فقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يقول الله تعالى اشتد غضبي على مَن ظلم من لم يجد له ناصرًا غيري"، وحُكِي أن الحجاج حبس رجلاً ظُلمًا فكتب إليه الرجل رقعةً فيها: قد مضى مَن بؤسنا أيام، ومن نعيمك أيام، والموعد القيامة، والسجن جهنم، والحاكم لا يحتاج إلى بينة، وكتب في آخرها:

ستعلم يا نؤوم إذا التقينـا غدًا عند الإله من الظلوم؟!
أما والله إن الظلم لــؤم وما زال الظلوم هو الملوم
سينقطع التلذذ عن أنـاس أداموه وينقطع النعيـــم
إلى ديَّان يوم الدين نمضي وعند الله تجتمع الخصـوم

أما يكفي الظالم ليرتدع عن ظلمه أن لعنة الله تلحقه لظلمه
﴿أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ (هود: من الآية 18)، أما يكفي الظالم ليرتدع عن ظلمه أن الله يمهله ولا يهمله، وإذا أخذه لن يفلته، فعن أبي موسى الأشعري- رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله ليُملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته" ثم قرأ ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ (هود: 102) (رواه البخاري).
أما يكفي الظالم ليرتدع عن ظلمه تهديد الله ووعيده للظالمين ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ (الشعراء: من الآية 227) ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) (الكهف: 29) رُوي في كتاب المستطرف والعهدة عليه أن رجلاً مرَّ برجلٍ من الصالحين قد صلبه الحجاج ظلمًا، فقال: يا رب حلمك على الظالمين قد أضرَّ بالمظلومين!! فنام الرجل تلك الليلة فرأى في منامه أن القيامة قد قامت وكأنه قد دخل الجنة، فرأى ذلك المصلوب في أعلى عليين، وإذا بمنادٍ ينادي حِلمِي على الظالمين أحلَّ المظلومين في أعلى عليين"، وإذا كان رسول الله صلى عليه وسلم أنبأنا "أن امرأة دخلت النار في هرة لأنها حبستها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض" فكيف يكون عقاب الله لمَن يسجن إنسانًا كرَّمه الله عز وجل في البر والبحر؟!، وكيف يكون عقاب الله لمَن يسجن المؤمنين المصلحين ظلمًا وعدوانًا دون جريرة أو وزر غير أنهم يدعون لدين الله وينشدون الخير لدولتهم.
نسأل الله العلي القدير يرفع عن دعوة الاصلاح  ما هي فيه من هم وغم وكرب، وأن يرد معتقليها إلى أهليهم وأولادهم وأعمالهم سالمين غانمين، وأن يجعلهم وأهليهم في حرزه وحفظه ، وأن يرزقهم ركنًا من أركانه، ركنًا لا تذروه الرياح ولا تدركه الرماح، وأن يحفظهم وأولادهم وأموالهم وأعراضهم في الصباح والمساء.



الفجر الباسم‏ !!


قضت الحكمة الإلهية، أن تكون أشد فترات الليل ظلمة هي تلك الفترة التي تسبق بزوغ الفجر مباشرةً.
حين يشتد الظلام، ويحلك ويزداد سواد ليله، فقد اقترب بزوغ الفجر، مشرقًا معلنًا عن نهار جديد.. تلك هي الحكمة الإلهية وسنة الله عزَّ وجلَّ في كونه؛ لذا قابلت حادثة اعتقال الأحرار من أبناء دعوة الاصلاح بابتسامة عريضة، ابتسامة سخرية من أولئك المفلسين، ابتسامة عزة وفخر، بالمعتقلين، ابتسامة ثقة في دعوة الاصلاح.
لأنني تيقَّنت حينها أنه كلما زاد المفلسون ظلمًا وعدوانًا على الأبرياء من شرفاء هذه الدولة، وكلما زاد طغيانهم وجبروتهم؛ اقترب بزوغ فجر مشرق لدولتنا ودعوتنا .
إن اعتقال المخلصين من شرفاء الامارات وخيرة رجالها؛ لهو خير دليل على إفلاس وفشل جهاز الأمن الذي لا هم له سوى ملاحقة الشرفاء!.
إن هؤلاء الرجال لم ينهبوا خير البلاد، ولم يظلموا العباد، ورغم ذلك كان مصيرهم سنوات من التضييق عليهم وعلى أهلهم وذرياتهم في أرزاقهم وأقواتهم، وتعليمهم العالي ،يحضرني في هذا المجال القول الشهير لأحد المصلحين : "لا بد للمجتمع الإسلامي من ميلاد، ولا بد للميلاد من مخاض، ولا بد للمخاض من آلام".
فأبشروا.. إنها آلام المخاض لغد مشرق ..!!.
إن كل ما تلاقيه دعوة الاصلاح ، من ظلم وطغيان وتضييق وملاحقة، ما هي إلا آلام المخاض، التي تسبق الميلاد، ميلاد فجر جديد بإذن الله عزَّ وجلَّ..!.
نعم سنكون نحن الجنود، بإذن الله عزَّ وجلَّ، جنود الله المخلصين لديننا ودولتنا الحبيبة ، الثابتين، السائرين على درب محمد صلى الله عليه وسلم..
والله الذي لا إله إلا هو، إن تلك الهجمة الشرسة الباغية، وكل هذه الاعتقالات لن تهزنا قيد أنملة؛ والله لن تزيدنا إلاَّ صبرًا وثباتًا وثقةً في دعوتنا..دعوة الاصلاح.


الجمعة، 4 يناير 2013

بيان أهالي المعتقلين في التحقيقات التي أجريت لزوجات المعتقلين




نحن أهالي المعتقلين نرفض الأساليب الملتوية التي استخدمت في استدراج زوجات المعتقلين إلى نيابة أمن الدولة لإجراء تحقيقات معهن و توجيه تهم مرسلة في حقهن ليس عليها أي دليل, ومن ثم أرغمت زوجات المعتقلين على الجلوس في غرفة لانتظار وكيل النيابة , و بعدها انفراد وكيل النيابة بالتحقيق مع زوجات المعتقلين من دون السماح بوجود أي محرم فضلا عن إيجاد سيدة أخرى في غرفة التحقيق , و هذا يعد تعد صارخ على أعراضنا كأهالي معتقلين , وعدم الاحترام لعادات و تقاليد المجتمع الذي يستنكر هذه الأفعال والإجراءات.

و نحن إذ نستنكر هذا التصعيد في قضية معتقلي الإمارات التي نرى أنها تتجه إلى مزيد من التعقيد , فإننا نعلن رفضنا التام لجميع الانتهاكات الموجهة في حق المعتقلين و أهاليهم , و لن نرضى بمزيد من التجاوزات أو التهديد بالاعتقال و سنحمي أعراضنا بكل الأساليب الممكنة , و إذا كان المراد من ذلك تكميم أفواه زوجات المعتقلين فلياخذوا كل أسر المعتقلين.


و نحن أهالي المعتقلين نرفض أساليب الضغط والتخويف وخاصة مع النساء في التعامل مع قضية معتقلينا و ما زلنا متمسكين بمطلبنا و هو الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين المطالبين بالإصلاح في الدولة وإرجاع كافة حقوقهم الدستورية والتي تم انتهاكها من قبل جهاز الامن .

03-01-2013