إن حملات الاعتقال التي تتعرض لها دعوة الاصلاح، تكشف وبما لا يدع مجالاً للشك ،مدى الظلم البين الواقع عليها ، فهي في كل مناسبة تؤكد على احترامها وولائها للقيادة الرشيدة للدولة ممثلة بصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة يحفظه الله ، واخوانه حكام الامارات ،وأن منهجها في العمل يعتمد الإصلاح السلمي المتدرج.
كما تكشف تلك الحملات أيضًا، مدى حالة الارتباك واللا مسئولية من قبل جهاز الأمن في التعامل مع جماعة كبيرة لها أنصار ومحبين في طول البلاد وعرضها، يهدفون من وراء ذلك إلى اجتثاث جذورها وتجفيف منابعها، بالإضافةِ إلى حملات تشكيك يقومون بها ويهدفون من ورائها إلى تزييف الوعي وخداع الناس وإثارة الفتن ونشر البلبلة بين شبابها؛ حملات شرسة موجة قائمة على نشر الأكاذيب والأباطيل وإفساد ذات البين، مستخدمين في ذلك كافة وسائل الإعلام معتمدين على حفنةٍ من الكُتَّاب المرتزقة الذين يسيل لعابهم للمناصب والشيكات المليونية ؛ يزيفون الحقائق عندما يصورون المجرم على أنه حَمَلٌ وديع، والمصلح على أنه فاسدٌ وضيع، والفاجر على أنه تقي مطيع.
أما آن للظالمين وأجهزتهم الأمنية أن يتفكّروا في عاقبةِ أمرهم، لما ظلم أحمد بن طولون قبل أن يعدل استغاث المصريون من ظلمه وشكوا إلى احدى الصالحات فقالت لهم: متى يركب؟ قالوا: في غدٍ، فكتبت رقعة ووقفت بها في طريقه، وقالت: يا أحمد يا ابن طولون فلما رآها عرفها فترجَّل عن فرسه وأخذ منها الرقعة وقرأها فإذا مكتوب فيها: "ملكتم فأسرتم، وقدرتم فقهرتم، وخُوّلتم فعسفتم، ورُدت إليكم الأرزاق فقطعتم، وقد علمتم أن سهام الليل نافذة غير مخطئة لا سيما من قلوب أوجعتموها، وأكباد جوّعتموها، وأجساد عرّيتموها، فمحال أن يموت المظلوم ويبقى الظالم، اعملوا ما شئتم فإنا صابرون.. وجوروا فإنا بالله مستجيرون.. واظلموا فإنا إلى الله متظلمون ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ (الشعراء: 227)".. فانتهى عن ظلمه.
أما آن للظالمين وأجهزتهم الأمنية أن يتفكروا في عاقبة أمرهم.. أما آن لهم أن يكفوا عن ظلمهم.. أما فكَّروا في دعوة المظلوم عليهم.. أما استمعوا إلى أبي الدرداء حينما قال: "إيّاك ودمعة اليتيم، إيّاك ودعوة المظلوم فإنها تسري بالليل والناس نيام"، أما استمعوا إلى مسلم بن بشار حينما مرَّ على رجلٍ مظلومٍ يدعو على ظالمه فقال له: "كِلْ الظالم إلى ظلمه فهو أسرع فيه من دعائك عليه".. أما فكَّروا في نظرالله إليهم:﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43)﴾ (إبراهيم).
أما فكّكروا في غضب الله عليهم، فقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يقول الله تعالى اشتد غضبي على مَن ظلم من لم يجد له ناصرًا غيري"، وحُكِي أن الحجاج حبس رجلاً ظُلمًا فكتب إليه الرجل رقعةً فيها: قد مضى مَن بؤسنا أيام، ومن نعيمك أيام، والموعد القيامة، والسجن جهنم، والحاكم لا يحتاج إلى بينة، وكتب في آخرها:
ستعلم يا نؤوم إذا التقينـا غدًا عند الإله من الظلوم؟!
أما والله إن الظلم لــؤم وما زال الظلوم هو الملوم
سينقطع التلذذ عن أنـاس أداموه وينقطع النعيـــم
إلى ديَّان يوم الدين نمضي وعند الله تجتمع الخصـوم
أما والله إن الظلم لــؤم وما زال الظلوم هو الملوم
سينقطع التلذذ عن أنـاس أداموه وينقطع النعيـــم
إلى ديَّان يوم الدين نمضي وعند الله تجتمع الخصـوم
أما يكفي الظالم ليرتدع عن ظلمه أن لعنة الله تلحقه لظلمه ﴿أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ (هود: من الآية 18)، أما يكفي الظالم ليرتدع عن ظلمه أن الله يمهله ولا يهمله، وإذا أخذه لن يفلته، فعن أبي موسى الأشعري- رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله ليُملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته" ثم قرأ ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ (هود: 102) (رواه البخاري).
أما يكفي الظالم ليرتدع عن ظلمه تهديد الله ووعيده للظالمين ﴿وَسَيَعْلَمُ
الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ (الشعراء: من الآية 227) ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ
بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي
الوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)﴾ (الكهف: 29) رُوي في كتاب المستطرف والعهدة عليه أن رجلاً مرَّ برجلٍ من الصالحين قد صلبه الحجاج ظلمًا، فقال: يا رب حلمك على الظالمين قد أضرَّ بالمظلومين!! فنام الرجل تلك الليلة فرأى في منامه أن القيامة قد قامت وكأنه قد دخل الجنة، فرأى ذلك المصلوب في أعلى عليين، وإذا بمنادٍ ينادي حِلمِي على الظالمين أحلَّ المظلومين في أعلى عليين"، وإذا كان رسول الله صلى عليه وسلم أنبأنا "أن امرأة دخلت النار في هرة لأنها حبستها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض" فكيف يكون عقاب الله لمَن يسجن إنسانًا كرَّمه الله عز وجل في البر والبحر؟!، وكيف يكون عقاب الله لمَن يسجن المؤمنين المصلحين ظلمًا وعدوانًا دون جريرة أو وزر غير أنهم يدعون لدين الله وينشدون الخير لدولتهم.
نسأل
الله العلي القدير يرفع عن دعوة الاصلاح ما هي فيه من هم وغم وكرب، وأن يرد معتقليها إلى
أهليهم وأولادهم وأعمالهم سالمين غانمين،
وأن يجعلهم وأهليهم في حرزه وحفظه ، وأن يرزقهم ركنًا من أركانه، ركنًا لا تذروه
الرياح ولا تدركه الرماح، وأن يحفظهم وأولادهم وأموالهم وأعراضهم في الصباح والمساء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق