بقلم :الشيخ حمد حسن رقيط
الظلم ظلمات في الدنيا والآخرة ولا يجوز
ترك الظلم والظالمين ،فإن في تركهم هلاك للأمة بأسرها ، وقد جاء مايؤيد هذه
الحقيقة من القرآن الكريم والسنة المطهرة ، قال الله تعالى :" وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة
وأنشأنا بعدها قوما آخرين " ، فالظلم واستمراره من غير مقاومة له يوجب هلاك
الأمة بأسرها ،وقد ورد في الحديث الصحيح " أنهلك وفينا الصالحون قال :
نعم ،إذا كثر الخبث ".
ولذا فمن الواجب شرعا انكار المنكر، ومنع الظلم، وعدم
الاستكانة للظالمين ،والركون إليهم، وبهذا تنجوا الأمة مما قد يحل بها من عقاب، أو
هلاك ،بسبب الظلم الواقع عليها . ولتحديد
الأسباب الدافعة للظلم نذكر أهمها :
1- الإنكار على الظالم المعتدي، وذلك للحديث الصحيح :"إن الناس إذا رأوا ظالما، فلم يأخذوا على يديه
،أوشك أن يعمهم بعقاب منه ".
2- عدم الإستكانة للظالم ،فإن ذلك يؤثر على الإيمان ،ولذلك جاءت النصوص الشرعية منبهة المسلمين
بعدم الاستسلام لكل ظالم يبغي بهم شرا ،قال الله تعالى :" والذين إذا أصابهم
البغي هم ينتصرون " جاء في تفسير القرطبي {أي إذا نالهم ظلم من ظالم لم
يستسلموا لظلمه }.
3- عدم
الركون إلى الذين ظلموا ،وذلك بالسكوت على ظلمهم، وتركهم يستمروا فيه ، قال الله تعالى :"ولا تركنوا إلى الذين ظلموا
فتمسكم النار..."
4- أن لا يعان الظالم على ظلمه ،لأن العادة جرت أن الظالم لا يتمكن من ظلمه إلا بمعاونة من أعوانه
وأتباعه، قال الله تعالى حكاية عن فرعون "إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا
خاطئين"، ولذلك كان العقاب على الجميع الظالم ومعاونيه " فأخذناه وجنوده
فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين".
5- لا يعان
الظالم على بقائه في مركزه الذي يمكنه من الظلم ولا يدعى له بالبقاء لأن في بقائه استمرارا للظلم كما جاء في الحديث " من دعا لظالم
بالبقاء فقد أحب أن يعصى الله في أرضه".
6- العمل على إنكار الظلم، والمنكر، بكل أشكاله ،إزالة
الظلم والمنكر التي وردت في حديث رسول الله صلى الله
عليه وسلم حسب القدرة "من رأى منكم منكرا ،فليغيره بيده ،فإن لم يستطع ،فبلسانه،
فإن لم يستطع ،فبقلبه ،وذلك أضعف الإيمان ".
7- على المصلحين والداعين إلى الله تبصير الأمة بخطورة
الظلم ،وفعل الظالمين ،حتى يكون الإنكار جماعيا ،وذا تأثير
فاعل ،يوقف الظلم ويحد من فعل الظلمة ، ولذا قال الله تعالى :" ولتكن منكم
أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون
".
8- الدعاء على الظلمة والمعتدين ،فدعوة المظلوم مستجابة، ولا ترد، يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء ويقول لها
الرب" وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين ".
9- التوبة من الذنوب ،والمعاصي ،والعودة إلى الله ،سبب من
أسباب النجاة من الظلم والظالمين ،فقد يسلط الله على
الظالمين من هو أظلم منهم لقول الله تعالى : "وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا". قال ابن زيد: نسلط ظلمة
الجن على ظلمة الإنس. وعنه أيضا: نسلط بعض الظلمة على بعض فيهلكه ويذله. وهذا
تهديد للظالم إن لم يمتنع من ظلمه سلط الله عليه ظالما آخر. ويدخل في الآية جميع
من يظلم نفسه أو يظلم الرعية، أو التاجر يظلم الناس في تجارته أو السارق وغيرهم.
وقال الفضيل بن عياض: إذا رأيت ظالما ينتقم من ظالم فقف، وانظر فيه متعجبا. وقال ابن
عباس: إذا رضي الله عن قوم ولى أمرهم خيارهم، إذا سخط الله على قوم ولى أمرهم
شرارهم.(مختصر
تفسير ابن كثير. للشيخ الصابوني).
وقال الإمام الرازي "الآية ندل على أن الرعية متى
كانوا ظالمين فالله تعالى يسلط عليهم ظالما مثلهم فإن أرادوا أن يتخلصوا من ذلك
الأمير الظالم فليتركوا الظلم ".
10- نصح الظالم وتحذيره من الظلم :فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ،وهو هلاك لصاحبه في الدنيا ،قال العلماء عن
أثر الظلم : " فإن الجور، والظلم، يخرب البلاد بقتل اهلها ،وانجلائهم
منها، وترفع من الأرض البركة ، وصدق الله
العظيم :" فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون".
اللهم عليك بالظالمين، خذهم أخذ عزيز
مقتدر ،وأرنا فيهم يوما أسودا ،وأبرم لهذه الأمة أمر رشد ،يعز فيه أهل طاعتك ،ويذل
فيه أهل معصيتك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق