الإعلام في أي بلد محترم هو مرآة أهل البلد يرون فيها حقيقة ما يقع فيه، يعرض قضاياه الكبرى أو المهمة أو التي لها وقع وأثر في دنيا الناس ويناقش بمنتهى المسؤولية والموضوعية والحيادية هذه القضايا لإيجاد الحلول لها سعيا لما فيه صالح المجتمع والأمة التي ينتمي إليها..
وهذا لا يمكن أن يتم إلا إذا كان الإعلام محايدا، يحيد عن كل طرف، فلا يميل لهذا على حساب ذاك، ويحيد إلى الحق والصدق والنفع... فهو حيادي عن جميع الأطراف يقف منها جميعا على مسافة واحدة.
فمثل هذا الإعلام يسعد به مجتمعه لأنه يؤدي رسالة ذات قيمة ويسعى في البناء لا الهدم، ويبحث عن الحق والخير لا المصالح الذاتية والمكاسب الآنية.
أما في الدول المتخلفة – مع الاعتذار الشديد- فالإعلام دائما طرف، ودائما ما يكون في صف صاحب السلطان، ومن بيده القوة والقدرة على البطش فعندها يتحول إلى أداة للتسبيح بحمده وإعلان قدرته وعظمته وقيادته وريادته وزعامته وفخامته ... و.... إلى آخر ما يعرفه كل الناس وما لا يعرفونه عن سيادته.
ولكن عندما يكون لصاحب السلطان والقوة فكر يخالف فكر بارونات الإعلام، أو له عقيدة وليست لهم، وعنده مبادئ وقيم ليست عندهم، أو يعمل لخدمة شعبه دون مصالحهم الخاصة فإنهم يتحينون له الفرص ويتربصون به الدوائر لطعن خفي أو همز أو لمز أو غمز لا يمكن أن يرقى لمستوى التلميح القريب فضلا عن التصريح..
فإذا كان المخالف ضعيفا، أو ممن لا يخاف بطشه أو يرجى رفده، فترى هؤلاء قد تحولوا مباشرة إلى خصومة علنية تنقلهم من حملان وديعة إلى ذئاب جائعة، أو كلاب ضالة، أو ضباع هائجة، تهتك لحم فريستها دون نظر إن كانت الفريسة حية أو جثة هامدة.
غير أن أسوأ ما يمكن أن تزدريه الطباع، وتنفر منه الأسماع، ويؤذي القلوب قبل أن يقذي العيون أن تنتهك القيم، وتستباح المبادئ، وتزاح عن الساحة الأخلاق، ويستبدل كل معنى جميل بضده قباحة ووقاحة بوجه عار مبتذل وقاح.
فحين يصبح الإعلام خصما.. فإنه تنطبق عليه كل الأوصاف التي وصف بها المصطفى الكريم أهل النفاق. [إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر" وهو ما رأيناه واقعا فكانوا أحق بها وأهلها.
حين يصبح الإعلام خصما.. فإنه سيكذب عليك ويقولك ما لم تقل، وينسب إليك ما لم تفعل فيغير من الصورة، ويستبدل الأشخاص، ويضع خبرا لشخص مهمل ومعه صورة لإنسان معروف مشهور ـ حتى وإن كان قد مات منذ شهور ـ ليشوه صورة الطرف الآخر.
حين يصبح الإعلام خصما.. فإنه يبحث في أرشيف الخصوم ليخرج كلمة قيلت منذ سنوات أو عشراتها تنتزع من سياقها ثم تسلط عليها الأضواء، وتتلقفها البرامج لتنفخ في كيرها وتحرق بها بعض أهلها.
حين يصبح الإعلام خصما.. فإنه يبحث عن كل زلة لسان، أو سقطة من إنسان، أو حدث في طرف من الأرض مغمور، أو في مكان غير مأهول، أو حتى واقعة عادية ليضعها في بؤرة الحدث ويجعلها أهم خبر في البلد، لإثارة الحنق على خصومه، أو إثارة الرعب منهم، وتوجيه الرأي العام ضدهم.
حين يصبح الإعلام خصما.. فإنه يبحث عن جاهل مغرور أو مهمل مغمور في زاوية من الزوايا، لا قيمة له ولا وزن أنطقه الجهل فهرف بما لم يعرف، فيؤخذ كلامه على أنه منهج خصوم الإعلام وهو فكر هؤلاء السفهاء، ونزعة من تطرف هؤلاء البلهاء.
حين يصبح الإعلام خصما.. فإنه سيخرج كل بثرة قبيحة ظهرت في وجه المخالف ليشوه هذا الوجه الجميل، ويترك كل الوجه ويسلط كاميراته على هذه البثرة القبيحة ليظهر كل الوجه كأنه قبيح.
حين يصبح الإعلام خصما.. فإنه ينخل الأرض عن منشق موتور، أو صاحب هوى مأجور، أو طالب مصلحة لم يجدها حيث ظنها فتقرحت كبده على رفقاء طريق عاش بينهم دهرا، ليستخرج حقده على رفقاء الماضي القريب، حتى يبدو للسامع والرائي أن هؤلاء كلهم هكذا: إما أصحاب مصالح في شخص الموتور، أو آخرون فيهم ما يصفهم به كذبا صاحبهم الموتور.
حين يصبح الإعلام خصما.. فإنه لن يتخلى أبدا عن صاحب هوى، أو محب شهرة، أو طالب مجد بالباطل، فينشر فكرا بائرا، أو فهما خائبا، أو رأيا فاسدا، ينسب إلى الطرف الآخر، على أن هذا فكرهم وهذا فهمهم وهذا رأيهم، والله يشهد إن الإعلاميين لكاذبون.
حين يصبح الإعلام خصما.. فلا مانع لديه من استضافتك على صفحاته، أو لتظهر للمشاهدين على شاشاته، لا ليسألك عن حقيقة منهجك، وطبيعة فكرك، وحقيقة فهمك، لا .. لا ... ولكن لينصب لك فخا، أو ليحفر لك حفرة، أو ليوجه لك سهما من سهامه بأسئلة لا صلة لها بفهم، أو منهج أو واقع، فليس مقصوده أن يلمعك، ولا أن يُنصفك.. ولكن مقصوده أن تقع في شركه، أو تنزلق في حفرته، أو يصيبك بسهمه، فإما أن يقتلك وإما أن يجرحك على أقل تقدير.
حين يصبح الإعلام خصما .. فعليك أن تحسب لكل كلمة حسابها، ولكل موقف نتائجه، ولكل فعل عواقبه.
حين يصبح الإعلام خصما.. فعليك أن تكون أريبا ذكيا، وأديبا ألمعيا، وسياسيا محنكا، ومتحدثا لبقا، ومؤمنا ورعا، وعالما بمآلات الأمور، وعارفا بالواقع الذي تعيشه، وواعيا بمرادات الأطراف الأخرى التي تعيش معك ومن حولك، وإياك وغفلة الصالحين فتتوقع الخير من غير أهله، وتعامل أهل الخسة والنذالة بقوانين النبلاء والفرسان فإن هذا نوعا من البلاهة..
فإن كنت كذلك، وإلا فالزم الصمت؛ فإن الصمت حكمة، والنجاة أن تمسك عليك لسانك، وأن تغلق عليك بيتك.
وهذا لا يمكن أن يتم إلا إذا كان الإعلام محايدا، يحيد عن كل طرف، فلا يميل لهذا على حساب ذاك، ويحيد إلى الحق والصدق والنفع... فهو حيادي عن جميع الأطراف يقف منها جميعا على مسافة واحدة.
فمثل هذا الإعلام يسعد به مجتمعه لأنه يؤدي رسالة ذات قيمة ويسعى في البناء لا الهدم، ويبحث عن الحق والخير لا المصالح الذاتية والمكاسب الآنية.
أما في الدول المتخلفة – مع الاعتذار الشديد- فالإعلام دائما طرف، ودائما ما يكون في صف صاحب السلطان، ومن بيده القوة والقدرة على البطش فعندها يتحول إلى أداة للتسبيح بحمده وإعلان قدرته وعظمته وقيادته وريادته وزعامته وفخامته ... و.... إلى آخر ما يعرفه كل الناس وما لا يعرفونه عن سيادته.
ولكن عندما يكون لصاحب السلطان والقوة فكر يخالف فكر بارونات الإعلام، أو له عقيدة وليست لهم، وعنده مبادئ وقيم ليست عندهم، أو يعمل لخدمة شعبه دون مصالحهم الخاصة فإنهم يتحينون له الفرص ويتربصون به الدوائر لطعن خفي أو همز أو لمز أو غمز لا يمكن أن يرقى لمستوى التلميح القريب فضلا عن التصريح..
فإذا كان المخالف ضعيفا، أو ممن لا يخاف بطشه أو يرجى رفده، فترى هؤلاء قد تحولوا مباشرة إلى خصومة علنية تنقلهم من حملان وديعة إلى ذئاب جائعة، أو كلاب ضالة، أو ضباع هائجة، تهتك لحم فريستها دون نظر إن كانت الفريسة حية أو جثة هامدة.
غير أن أسوأ ما يمكن أن تزدريه الطباع، وتنفر منه الأسماع، ويؤذي القلوب قبل أن يقذي العيون أن تنتهك القيم، وتستباح المبادئ، وتزاح عن الساحة الأخلاق، ويستبدل كل معنى جميل بضده قباحة ووقاحة بوجه عار مبتذل وقاح.
فحين يصبح الإعلام خصما.. فإنه تنطبق عليه كل الأوصاف التي وصف بها المصطفى الكريم أهل النفاق. [إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر" وهو ما رأيناه واقعا فكانوا أحق بها وأهلها.
حين يصبح الإعلام خصما.. فإنه سيكذب عليك ويقولك ما لم تقل، وينسب إليك ما لم تفعل فيغير من الصورة، ويستبدل الأشخاص، ويضع خبرا لشخص مهمل ومعه صورة لإنسان معروف مشهور ـ حتى وإن كان قد مات منذ شهور ـ ليشوه صورة الطرف الآخر.
حين يصبح الإعلام خصما.. فإنه يبحث في أرشيف الخصوم ليخرج كلمة قيلت منذ سنوات أو عشراتها تنتزع من سياقها ثم تسلط عليها الأضواء، وتتلقفها البرامج لتنفخ في كيرها وتحرق بها بعض أهلها.
حين يصبح الإعلام خصما.. فإنه يبحث عن كل زلة لسان، أو سقطة من إنسان، أو حدث في طرف من الأرض مغمور، أو في مكان غير مأهول، أو حتى واقعة عادية ليضعها في بؤرة الحدث ويجعلها أهم خبر في البلد، لإثارة الحنق على خصومه، أو إثارة الرعب منهم، وتوجيه الرأي العام ضدهم.
حين يصبح الإعلام خصما.. فإنه يبحث عن جاهل مغرور أو مهمل مغمور في زاوية من الزوايا، لا قيمة له ولا وزن أنطقه الجهل فهرف بما لم يعرف، فيؤخذ كلامه على أنه منهج خصوم الإعلام وهو فكر هؤلاء السفهاء، ونزعة من تطرف هؤلاء البلهاء.
حين يصبح الإعلام خصما.. فإنه سيخرج كل بثرة قبيحة ظهرت في وجه المخالف ليشوه هذا الوجه الجميل، ويترك كل الوجه ويسلط كاميراته على هذه البثرة القبيحة ليظهر كل الوجه كأنه قبيح.
حين يصبح الإعلام خصما.. فإنه ينخل الأرض عن منشق موتور، أو صاحب هوى مأجور، أو طالب مصلحة لم يجدها حيث ظنها فتقرحت كبده على رفقاء طريق عاش بينهم دهرا، ليستخرج حقده على رفقاء الماضي القريب، حتى يبدو للسامع والرائي أن هؤلاء كلهم هكذا: إما أصحاب مصالح في شخص الموتور، أو آخرون فيهم ما يصفهم به كذبا صاحبهم الموتور.
حين يصبح الإعلام خصما.. فإنه لن يتخلى أبدا عن صاحب هوى، أو محب شهرة، أو طالب مجد بالباطل، فينشر فكرا بائرا، أو فهما خائبا، أو رأيا فاسدا، ينسب إلى الطرف الآخر، على أن هذا فكرهم وهذا فهمهم وهذا رأيهم، والله يشهد إن الإعلاميين لكاذبون.
حين يصبح الإعلام خصما.. فلا مانع لديه من استضافتك على صفحاته، أو لتظهر للمشاهدين على شاشاته، لا ليسألك عن حقيقة منهجك، وطبيعة فكرك، وحقيقة فهمك، لا .. لا ... ولكن لينصب لك فخا، أو ليحفر لك حفرة، أو ليوجه لك سهما من سهامه بأسئلة لا صلة لها بفهم، أو منهج أو واقع، فليس مقصوده أن يلمعك، ولا أن يُنصفك.. ولكن مقصوده أن تقع في شركه، أو تنزلق في حفرته، أو يصيبك بسهمه، فإما أن يقتلك وإما أن يجرحك على أقل تقدير.
حين يصبح الإعلام خصما .. فعليك أن تحسب لكل كلمة حسابها، ولكل موقف نتائجه، ولكل فعل عواقبه.
حين يصبح الإعلام خصما.. فعليك أن تكون أريبا ذكيا، وأديبا ألمعيا، وسياسيا محنكا، ومتحدثا لبقا، ومؤمنا ورعا، وعالما بمآلات الأمور، وعارفا بالواقع الذي تعيشه، وواعيا بمرادات الأطراف الأخرى التي تعيش معك ومن حولك، وإياك وغفلة الصالحين فتتوقع الخير من غير أهله، وتعامل أهل الخسة والنذالة بقوانين النبلاء والفرسان فإن هذا نوعا من البلاهة..
فإن كنت كذلك، وإلا فالزم الصمت؛ فإن الصمت حكمة، والنجاة أن تمسك عليك لسانك، وأن تغلق عليك بيتك.
المصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق