الثلاثاء، 24 يوليو 2012

"قرقاش" بين حقيبة الوزارة ,, وميزان القضاء !!



بقلم الكاتب بن خلدون



الوزير د. أنور قرقاش وكيل سيارات مرسيدس في دبي و الامارات الشمالية و محاولته لعب دور القاضي و اصدار أحكام الإدانة بحق معتقلي الامارات 31 من النشطاء المطالبين بمجلس وطني منتخب مع كامل الصلاحيات التشريعية و الرقابية 

شنت الأجهزة الأمنية في الإمارات خلال الأيام الماضية حملة إعتقالات بحق مجموعة من نشطاء المجتمع المدني من مواطني الدولة لإتهامهم بإرتكاب جرائم أمن الدولة، والمتابع لهذه القضية يعلم انه لغاية الآن لازالت نيابة أمن الدولة تباشر التحقيق مع المتهمين، وان النيابة العامة لم تصرح بتفاصيل القضية وتبين لنا تفصيلاً الأفعال التي أرتكبها المتهمين والتي بموجبها تم اتهامهم بتلك الجرائم، وأنما أكتفى النائب العام بإصدار بيان صحفي عام وبدون أي تفاصيل وذلك مراعاة لظروف التحقيق وقرينة البراءة التي تفترض براءة المتهمين لحين صدور حكم القضاء بالإدانة .

الا ان وزير الدولة لشؤون الخارجية وشؤون المجلس الوطني الاتحادي في الإمارات د. أنور قرقاش ( خريج العلوم السياسية من جامعة كامبردج العريقة ) نسي او تناسى او (أجبر على نسيان !!) كل تلك القواعد القانونية والأخلاقية وأستبق حكم القضاء وأصدر أحكام الإدانة على المعتقلين، بعد أن كال لهم الإتهامات ووجه لهم أقسى العبارات متجاوزا كل الأعراف الدبلوماسية التي تقتضي إحترام الآخر ولو كان مجرد مواطن !!

لا اعرف من اين استقى (قرقاش) المعلومات التي بنى عليها احكامه بحق المعتقلين ؟! هل اطلع قرقاش على التحقيقات التي تجريها نيابة امن الدولة مستغلا منصبه في السلطة التنفيذية ومنتهكاً القاعدة القانونية الخاصة بسرية التحقيقات ، ومتجاوزاً المبدأ الدستوري الخاص بالفصل بين السلطات ؟! أم أنه يملك قدرات خاصة يستطيع من خلالها معرفة الغيب وما يخفيه المعتقلين في عقولهم وقلوبهم ولم تكشف عنه تغريداتهم ؟!

وقبل أن أبدي ملاحظاتي على ما ذكره قرقاش في أحكامه، أرجوا من كل مسؤول أو مثقف أن يكف عن إستغفال عقول أفراد المجتمع وإهانة أنفسهم وإهانتنا، وإثارة سخرية وسخط العالم المتحضر علينا بالتحدث عن النموذج الإقتصادي الناجح كذريعة لحرمان المجتمع من حقه في المشاركة السياسية وحق الأفراد في الحرية والكرامة، وكأنهم يتهمون المجتمع بأنه باع حريته وكرامته وإرادته وصوته مقابل هذا المشروع الاقتصادي الناجح!! 

وبالرجوع إلى تغريدات قرقاش ، فقد أتهم تلك المجموعة من النشطاء بأنها ( حاولت ان ترسم صورة قاتمة عن الامارات، متجاوزة ومتجاهلة انجازات الوطن )، وهنا نسأل معالي الوزير عن حقيقة الجهة التي ترسم الصورة القاتمة ؟! هل هم المعتقلين الذين ما هم إلا مجموعة من الأفراد الذين لا حول لهم ولا قوة ولا سلطة، ولم يتعدى نشاطهم سوى التغريد في عالم تويتر للشكوى من الظلم الذي تعرضوا له طوال السنوات الماضية ومطالبين برفع الظلم عنه ، أم أن المسؤول عن رسم تلك الصورة القاتمة هو من يملك السلطة على أرض الواقع ويمارس القمع والتضييق منذ سنوات بحق المعتقلين وعائلاتهم ؟! 

كما ذكر معالي قرقاش في تغريداته ان (المجموعة القليلة اعتبرت نفسها وصية على شعب بأكمله وتتحدث بإسمه)، وبمناسبة الحديث عن الوصاية على شعب الإمارات فمعالي الدكتور وقع في لبس كبير وخلط بين الوصاية على المجتمع وحق التعبير عن الرأي، حيث أن الوصاية لا تتحقق بمجرد تعبير الشخص عن رأية في أي وسيلة كانت، وإنما تقتضي وجود سلطة أحادية تسعى إلى فرض رأيها وتوجهاتها بالقوة على المجتمع وتقمع الصوت الآخر بشتى الوسائل سواء كانت الحرمان من الكتابة في الصحف أو الإعتقال، ولا أعتقد أن المعتقلين يملكون السلطة والمال والوسائل لفرض الوصاية !! 

كما ذكر قرقاش أن (قيادتنا السياسية سعت الى الوسائل التقليدية من النصح واللقاءات والاستيعاب )، وكم كنت أتمنى منه أن يبين لنا تلك الوسائل التقليدية بشئ من التفصيل، وأتمنى أن لا تكون من ضمن تلك الوسائل إطلاق يد جهاز الأمن في القمع والتضييق عليهم وعلى أبنائهم ومحاربتهم في أرزاقهم وشن حملات التخوين ضدهم، والبث المباشر والإهانة والحضن الدافئ والإعتقال !!

وأخيراً ذكر قرقاش أن (الجماعة تريد ان تبيعنا بضاعة لا نعرف مدى نجاحها، ونحن أصحاب بضاعة ناجحة طورت الدولة والمجتمع)، ولا أعلم ما هي البضاعة التي يعترض على الترويج لها معالي قرقاش !! لا سيما وأن المتابع للمعتقلين يعرف أن سقف مطالبهم لا يتعدى عريضة الثالث من مارس الخاصة بحق الإنتخاب وإعطاء الصلاحيات التشريعية والرقابية للمجلس الوطني الإتحادي، فهل لا يعلم معالي الوزير الدكتور عن أهمية تلك المطالب وتأثيرها ومدى نجاحها، فإن كان يعلم ويتحدث بتلك الطريقة فتلك مصيبة، وإن كان لا يعلم فأنصحه بأن يولى وجهه ناحية العالم المتقدم لعله يجد الإجابة لدى شعوبهم المتحضرة ، ويعلم أن الحرية والكرامة والمشاركة السياسية لها أهمية تتعدى أهمية أرباح شركة مرسيدس ومشاريع قرقاش.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق