الأحد، 19 أغسطس 2012

"صباحُ العيدِ..ياأبتي" أبيات بقلم ابنة المعتقل الحر د.سيف العجلة





إماراتي .. صباحُ العيدْ ..

صباحُ الحبِّ والإيمانْ..
صباحُ الشوقِ والتحنانْ..
صباحُ الودِّ والعـبرَات تخنُقُني ..
ولكنْ دونَ أنْ أبكي..
صباح الوردِ من روضاتِ وِجداني..
عن الأوطانِ كمْ تَحكي..
وتشدو حبَّها لحناً ،، يُنيرُ بعطرِهِ الأكوانْ..

وهذا الروضُ يا وطني،،
بِجوفي مُذْ... عرَفتُ الحبْ ..
وهذا الحبُ يا وطني..
بنبضي مُذْ .. عرفتُ القلبْ..
يُرَوّيهِ .. وفاءُ أبي..
ولاءُ أبي..
وعشقُ أبي..
لتُربِكِ يا إماراتي ..

أيا شيخي،،
رئيسَ الدولةِ الحاني ..
"خليفةُ" أنتَ يا علَماً من العدلِ .. من الحِلْمِ..
إليكَ أخطُّ أبياتي ،،
حوَتْ في طيّها شوقي وتحناني..
إلى أبتي ..
وليتكَ تدري مَن أبتي ..

ويا شيخي،،
محمدُ نائبَ الدولة..
لَكَمْ أعليتَ للتعليمِ من أعلامْ..
وكم شيدْتَ ناطحةً..
وكم حققتَ للإنسانِ من أحلامْ ..

و يا وطني..
لِنركبْ .. قاربَ الذكرى ،،
لكَي نَعبُـرْ،، في بحرٍ من الزمنِ..
وتأتي الموجةُ الأولى..
تذكّرُني..
سنينَ البعدِ عن وطني..

فيوماً والِدي يُسألْ :
يحقّ الآنَ أن تلقى جوازَهمُ البِريطاني .. فهل تقبَـلْ ؟
يضجُّ أبي!
"سنينٌ ستةٌ مرّت .. تجرَعنا بها بُعدا..
وغالَبنا بها كمَدا..
أيَـقبَـلُ بَعدها قلبٌ ،، بغيرِ بلادهِ بلَدا ؟
أيرضى أيُّ إنسانٍ ،، بغيرِ فؤادهِ سكَنا !؟
فلا واللهِ ما أرضى.. وما أقبلْ..
إماراتي هيَ الأمثَـلْ
إماراتي.. هيَ الأصلُ..
هي الأهلُ .. هي الكلُ "

وتأتي موجةٌ أخرى..
فأذكرُ أنني دوماً.. وفي سنواتِ غربتِنا..
وحين يفيضُ بي شوقي إلى وطني..
أنادي والدي الحاني..
لكي أسألْ :
"متى تاريخُ عودتنِا ؟"
يجيبُ وقبلَ أنْ أُكمِلْ:
"صغيرتي كم لنا قصصٌ..
هنا في دولة الخيرِ ..
بشارقةٍ .. عرفنا بيتَنا الأولْ..
وأحببْنا.. ثراها الدافئَ الغالي ..
وماها الطاهرَ الأجملْ.."
ويكملُ لي..
"إماراتي لنا خير.. من الترْب إلى البحرِ..
فجدي كانَ "نوخذةً"
بـ"مِحمَلهِ"ِ .. يغيبُ ببحرِنا دهرا..
يعودُ مُحمَّـلاً خيرا..
وها نحنُ .. هنا في قسوةِ الغربة..
بمسؤوليةٍ صعبة..
ونحملُها بكلّ الفخرْ..
تحَـلَّيْ يا ابنتي الحلوة.. ببعضِ الصبرْ..
فنحنُ هنا.. لنبني صرحَ نهضتنا..
ونُعلي هامَ دولتنا"

وتأتي موجةٌ أخرى..
فبَعد العودِ ،،
شهادةَ والدي كانت أيا وطني..
إليكَ تُزَفُّ في ودِّ ..
فمِـن أجلكْ ،، تناسى أصعبَ المِحَنِ
تعمّـق والدي في رفعةِ الوطنِ
فكمْ شاركْ , وكمْ درَّبْ
لِجاناً تَنشدُ الإنجاز والإبداع..
وكم عرسٍ جماعيٍّ .. بصندوق الزواجِ أَدار أو نظّمْ
وكم قيَّمْ ،، وكم علّمْ
وكم هذّبْ
جوائزُهُ ،،، بمِلءِ الرفِّ والمكتبْ

ببيتِ الشارقة الخيري ..
سعى في البرِّ والإحسانْ
ولمْ يطلب سوى الأجرِ
لعلَّ صنائعَ المعروفِ في يومٍ ..
تَـقيهِ مَصارعَ الشَـرِ


وتأتي موجةٌ تترَى..
فأذكرُ أنني يوماً..
رأيتُ أبي..
أمامَ مذيعِ أخبارِ ..
وقد سالتْ دموعهُ تحفرُ الخدّا ..
كفيضٍ باتَ ممتدا..
بكاك الكون يا بابا،، يا شيخاً ويا "زايدْ"..
رَثاكَ الكلُ يا قلباً ويا قائدْ ..
بتلكَ الليلةِ انسكبتْ
دموعُ الشعب مِدرارا
تناجي قلبنا المكلومْ .. وحزناً باتَ هدّارا..
ولكني..
وعندَ الفجرْ ،، رأيتُ أبي..
بنفسِ مكانهِ يدعو..
تغطّي وجههُ الصافي أخاديدٌ من التعبِ
من الألمِ..
"متى أستيقظتَ يا أبتي؟"
فقال:
"وكيف ينامُ من يوماً..
يذوق مرارةَ اليُـتْـمِ ..؟"
ونامَ الكل..
وظلَّ أبي .. بنفسِ مكانهِ يدعو .. ولم ينَـمِ


أعودُ الآنَ للحاضرْ..
بشهرِ الصومِ والإيمانْ..
وفي ليلٍ..
يُــدَقُّ البابُ في قوّة !
يُراعُ العقلُ والوجدانْ ..
يُفتَّـشُ بيتُنا عُنوَة..
فتُؤخذُ كلُّ أجهزتي..
حوَتْ في جوفِها صُوري .. وأشعاري وأحلامي..
ويقتلُ في فؤادي الأمن..
برودٌ بالغُ القسوة !
فكم حاولتُ أن أسألْ ..
بإلحاحٍ عن السببِ..
لأن الأمرَ لا يُعقلْ ..
"يكون الرد: لا ندري .. ولا نعلم..
عبيدٌ نحن مأمورونَ.. لا نُسأل ،،
ولا نَسأل"
فليتكَ أيها المأمورُ لو تعلَمْ..
من الزوجاتِ والآباءِ كم تجرحْ !
من الأطفال كم تؤلم..
فبعَـدَك بيتُـنا المفجوعُ لمْ يَفرحْ !


وفي لحظه
يُقادُ أبي .. يودّعنا..
يجدّدُ عهدَهُ لله .. ثم الشيخِ.. والوطنِ

ألا لله دَرّكَ يا أبي الغالي !
فقلبُـكَ كم حوى حبَّ الإماراتِ
برغمِ القيد يا أبتي..
فرأسك لم يزَلْ عالي..
وذكرُك لم يزل عالي..
وقدرُكْ ..
برغم الكل يا أبتي،، هو العالي


وفي رمضانَ كم فاضتْ سهامُ الليلِ بالدعواتْ
رجونا الله في الأسحارِ .. في الصلواتِ ،، في السجَداتْ
يقينٌ باتَ يغمرُنا.. بأنّ الحقَ لنْ يُخذَلْ..
لأنَّـا مؤمنونِ بوعدِ نُصرتهِ لِمنْ نصَرَهْ
وأنّ دعاءَ مظلومٍ وإنْ طالتْ بهِ الغَمة ..
سيلقى بعدها أثرَهْ


وجاء الوالدُ الدكتور سلطانُ..
بقولٍ واضحِ الوعدِ..
فأحيا وردةَ الأملِ..
"سيخرجُ قبلَ يومِ العيدِ .." أعلنَها
"فلا تخشَوا.. غياباً مُبعَدَ الأجَلِ "

إماراتي.. صباحُ العيدْ.. !
وما عيدي بلا أبتي..؟!


أيا وطني ..
فؤادي باتت الأرزاءُ ترميهِ
فأين أبي ليحميهِ ؟!
أبي في السجنِ يا وطني !
ومن لا يعرفُ الصقرَ ,, سيشويهِ
يُقالُ التهمةُ الإخلاصُ للشيخِ وللوطنِ..
لأنهمُ ..
أرادوا رفعةَ الأوطانْ..
أهذا صار كالفِتَـنِ؟
أحقاً تُـقـلَبُ الأوزانْ ؟!
أترضى أن تنام اليومَ في سجنكْ ..
قلوبٌ تحملُ القرآنْ ..
وأن تَغتال بسمتَهم ،، زنازينُكْ ؟!
ومِن أطفالهم حضناً يفيضُ أمانْ


أيا من تقرأ الأبيات ،، ترجو أن ترى خطَاً..
لكي تهجمْ.. وكي تقدَحْ..
ألا مهلاً .. ولا تفرحْ
رويدَكَ هذي أنّـاتي
وآهاتي ،،
لحبي الأولِ الأمثـلْ : إماراتي
وفي الحبِّ .. يجوزُ العَتبُ أحيانا
فإياكَ ،، تخوّنُ قلبيَ المغرمْ ..
بعشقي للإماراتِ

يكادُ القلبُ ينفطرُ .. بما فيهِ من الحسرَة ..
ويشكو جرحَهُ المكلومَ في صمتٍ ..
ويخفي لوعةً مُـرَّة
ولكني .. وحتى اليومِ لمْ أبكِ ..
وقبل الآنَ لم أشكِ..
لِـئلاّ يَـكتبَ التاريخُ في يومٍ ،،
بأنّـكِ يا إماراتي ...
سكبتِ دمعةً حرَّة
أحَـلْـتِ ضحكةً .. عَبرَه

أيا وطني ..
ستُـثبتُ قوليَ الأيامْ :
ألا فاشهدْ..
وسجّلْ أيها التاريخُ لي قسَماً :
أبي.. وطني ..
أبي.. وطني..
أبي.. وطني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق