تطل علينا أقلام محترمة، بأفكار فيها شيء من التشويش، ملخص ما فيها "أنت تأكل وتشرب وتتكاثر" فلماذا تتكلم ، فكان لابد من مقال بسيط لإزالة الإشكال ، وإبراز بعض التساؤلات التي تدور في ذهن المواطن.
ما هي نقطة الخلاف في الأزمة الحاصلة؟
قبل تحديد نقطة الخلاف لابد من القول أن هناك فرق بين الأسر الحاكمة ، ومؤسسات الدولة المختلفة والممثلة في وزاراتها كوزارة الصحة والتعليم والداخلية والدفاع ونحوها، ومن البديهي القول أن انتقاد المؤسسة انتقادا بناء لا يعني انتقاد الحاكم أو الخروج عليه، ولا يعني أبدا خيانة الوطن والطعن فيه بل على العكس، فإن النقد البناء سبيل للتطور والرقي.
لنبسط الأمرأكثر..
شاب دخل المستشفى لإجراء عملية، فحصل خطأ طبي غير متعمد نتج عنه مضاعفات مرضية للشاب، خرج من المستشفى ، رفع قضية واشتكى على المستشفى، كسب القضية وعوض عن الخطأ الطبي الغير مقصود بما يوازي الضرر، وزارة الصحة استفادت من هذا الانتقاد والشكوى ، فعملت على وضع إجراءات طبية تقي الوقوع في الأخطاء، ثم عممت ذلك على جميع المستشفيات فاستفاد الجميع.
رجل طاعن في السن ، اشتكى من المساعدات الاجتماعية وقلتها، بادر مسؤول كبير إلى الاطلاع على وضعه ودراستها ثم تعديل المساعدات بما يناسب حالته، ثم عممت هذه الحالة لدراسة على جميع الحالات المشابهة ورفع المساعدات الاجتماعية ، فاستفاد الجميع
شاب آخر .. توقفت ترقيته لعدة سنوات بسبب الموافقة الامنية، هو متفوق بامتياز، قدم على منحة دراسة فمنع منها لأسباب أمنية، قدم على وظيفة هو كفء لها والجميع متفق على أنه الرجل المناسب في المكان المناسب إلا جهة واحدة لم توافق عليه لأسباب أمنية، وزعت العطايا على أقرانه إلا هو حرم منها لأسباب أمنية، وصل الأمر مبلغه ، تكلم على المؤسسة الأمنية، فبدلا من حل الموضوع سريعا كما هو الحال في المواقف السابقة فوجئ بالاتهام بالخيانة والخروج والولاء الخارجي تبعه سيل من الشتائم والسباب.
عندما تنتقد أي وزارة من وزارات الوطن فإن الأمر طبيعي ولا إشكال فيه ، بل إنه قد أنشئت برامج كبرامج البث المباشر لانتقاد أخطاء تلك المؤسسات والدوائر مما ساهم في تقويم أدائها وتطوير أسلوبها وإقبالها على خدمة الناس والوصول لهم، ولكن عندما يتم انتقاد تصرفات جهاز أمن الدولة وهو لا يتعدى ان يكون مؤسسة من مؤسسات الوطن فإن الأمر يختلف ، والموقف يتبدل فيصبح كل من تكلم وانتقد هذه المؤسسة خائنا وإرهابيا ومن الخوارج ، ناهيك عن سيل التهم المصبوبة عليه صبا في اتهامه في ولائه وحبه وانتمائه للوطن .
وهنا مربط الفرس، لماذا يعتبر انتقاد المؤسسة الأمنية في الوطن خيانة وخروجا على ولي الأمر، بينما انتقاد أي مؤسسة أخرى يعتبرمن باب الانتقاد البناء؟!!
أليس الانتقاد البناء ساهم وبشكل واقعي ملموس في تطوير المؤسسات والوزارات ، فلماذا يعتبر انتقاد المؤسسة الأمنية مرفوض وغير مقبول ومن الكبائر العقدية ؟!!
لماذا الشكوى والانتقاد؟
(لا توجد نار بلا دخان) جملة لطالما استخدمها البعض لتبرير اعتقال دعاة الاصلاح، ولو طبقناها بشكل عكسي وقلنا: لماذا الشكوى والانتقاد للأجهزة الأمنية ولماذا هذا التحرك لكشف السياسات القمعية لهذا الجهاز ، فلا توجد شكوى وانتقاد وتحرك بلا سبب.
لعل الجواب على هذا أن جهاز الأمن للأسف غير مساره من جهاز يُعنى بحفظ الأمن للوطن والمواطن إلى جهاز قمعي يلغي كل طرف مقابل لمجرد أوهام وتخيلات يمليها عليه مستشارون أجانب ووافدين لا يدركون مدى الحب والوئام الذي يتبادله حكامنا مع شعبهم، بل يطبقون معاناة شعوبهم على شعبنا الإماراتي الأبي.
ونتيجة لهذه التبعية العمياء للمستشارين ، نمر اليوم واقعا مؤلما في وطننا الحبيب، فلا تكاد تقوم بأمر مدني إلا ويطلب منك إحضار الموافقة الأمنية والتي للأسف أصبحت مزاجية فقد حرم منها الكثيرين لمجرد أوهام ومخاوف لا مبرر لها.
الدراسة، الوظيفة، الترقية، الإجازة الدراسية، العطايا والهبات، السفر ، وغيرها من جوانب الحياة المدنية أصبحت لها بوابة هي الموافقة أمنية، عندها يقع المواطن والناس من حوله في حيرة من أمرهم، " فلان نعرفه ، ونعرف أخلاقه وحركاته وسكناته، ما الخطر الذي يمثله حتى غداً محظور أمنيا؟!!!"
رسالة نوجهها الى المسؤولين:
"نطالب بحياة مدنية بلا تدخلات أمنية"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق