بقلم محب الإمارات
تراهن الشعوب دائما على شبابها فهم عدتها للمستقبل وهم صناع حضارتها ..وهم فرسها الرابح في كل سباق .. ولهذا ينبغي على كل دولة أن تولي شبابها الاهتمام الأكبر وتحرص على أن تصنع منهم نموذجا قويا في كل الجوانب .. وأفضل هذه الجوانب وأكثرها أهمية هو الجانب الفكري لأنه يحرك بقية الجوانب ويوجهها ..
تراهن الشعوب دائما على شبابها فهم عدتها للمستقبل وهم صناع حضارتها ..وهم فرسها الرابح في كل سباق .. ولهذا ينبغي على كل دولة أن تولي شبابها الاهتمام الأكبر وتحرص على أن تصنع منهم نموذجا قويا في كل الجوانب .. وأفضل هذه الجوانب وأكثرها أهمية هو الجانب الفكري لأنه يحرك بقية الجوانب ويوجهها ..
أنا شاب إماراتي ترعرعت في أحضان هذا الوطن العظيم ..
أحب بلدي وأحرص على أن أكون عنوانا مشرفا له في كل المحافل .. وانطلاقا من هذه المشاعر
.. أريد أن أشارككم هذه الخواطر التي سيطرت على تفكيري هذه الفترة .. تزامنا مع
الأحداث الأخيرة التي تتعرض لها إماراتنا الغالية ..
ما هو الحدث ؟
اعتقال مجموعة من أبناء الإمارات يشهد لهم كل من
يعرفهم بالصلاح والوطنية والإخلاص ويتهمهم جهاز أمن الدولة بالخيانة ومحاولة
الإضرار بالأمن والولاء لجهات خارجية
ماهي ردة الفعل المطلوبة ؟
احترام القانون فهو الذي ضمن حقوق الجميع والقانون يقول : المتهم بريء حتى تثبت إدانته
وكذلك للقانون إجراءاته وهي كما يقول الحقوقيون ظهور الدليل ، ومن ثم توجيه
الاتهام وبعدها يتم التحقيق مع المتهم بوجود محاميه .. وقد يتم حبسه عدة أيام عى
ذمة التحقيق ، ولا يسمى مجرما إلا إذا ثبتت
عليه التهمة وكذلك فإن أيام الاعتقال لها ضوابطها القانونية ، ولا تكون مدة الحبس مطلقة بغير حساب وللمتهم
الحق بالخروج بكفالة ..
ولكن للاسف لم يحدث هذا على أرض الواقع .. وكأنهم
ضربوا بقانون الدولة عرض الحائط وجعلوا منه أضحوكة .. فالتهمة تعلن للملأ ثم
يبحثون عن متهم يناسبها فيفتشون منزله ويعتقلونه من بين أهله بعد ترويعهم في منتصف
الليل ويزج به في السجن ويمنع من أبسط حقوقه وهي التواصل مع محام أو إبلاغ أهله
بمكانه .. والخطوة الأخيرة هي البحث عن دليل
لكي تكون المسرحية مقنعة .. وكأنهم
يسيرون عكس عقارب الساعة .. والأكثر طرافة هو أن الشخص الذي أعلن التهمة للملأ
يتوارى عن الناس ويحاول أن يتنصل من كل مسؤولية وكأنه يشعرنا بأنه أعارهم اسمه
ليستخدموه في ديباجة الخبر ..
الطامة الكبرى هي موقف المجتمع تجاه هذا الحدث .. فقد
تباينت ردود الأفعال بين معارض ومؤيد ومنسحب .. وانقسم المجتمع إلى عدة فئات :
١. فئة العقلاء الإيجابيين : وهم أصحاب ردة الفعل
المتوازنة والتي تطالب باحترام القانون وتدافع عن حق المتهمين في البراءة مادامت
إجراءات الاعتقال غير قانونية مع غياب الأدلة التي تثبت التهمة إضافة للسمعة
الطيبة التي يتمتع بها هؤلاء المعتقلون والتي صنعوها بإنجازاتهم المشرفة وبعطائهم
المتميز لسنوات طويلة .
٢. فئة العقلاء السلبيين : وهم من له نفس الرأي السابق
ولكنهم فضلوا أن يهمسوا بهذا الرأي في الغرف المغلقة وأن يصمتوا خارجها حتى لا
يصنفوا مخربين ولاوطنيين .. وبعضهم يبرر صمته بأسباب خاصة ..أو لأسباب أمنية إن صح
التعبير
٣. فئة المحرضين : وهم من أخذوا على عاتقهم تشويه صورة
المعتقلين والطعن في نواياهم والتعرض لهم بالسب والشتم وكذلك التعرض لكل من يدافع
عنهم أو يطالب بتحكيم العقل بأقذع الألفاظ وأشنعها .. وهذه الفئة الجديدة على
المجتمع تثير الكثير من التساؤلات بل وتجعل الجميع يشعر بالخطر .. فقد فجرت في
الخصومة وبالغت في الأذى حتي أنهم حكموا على المعتقلين واثبتوا عليهم التهمة
واختاروا لهم العقوبة وكأنهم يديرون
البلاد في غياب قانونها..
٤. فئة أعتذر عن تسميتها فهي بلا هوية .. غيبت العقل
والمنطق و اختارت الحدث لاثبات وطنيتها وحبها للإمارات وبدأت تردد كلام الفئة
السابقة وتنجرف وراءها وإن كانت ألفاظها أقل قسوة وبشاعة .. يتنوع أصحاب هذه الفئة
بين البسيط العفوي والمثقف المنافق ..
وقد يكون هناك فئات أخرى بعيدة عن الحدث ..
إن هذه الأزمة كشفت لنا بجلاء عن أمراض اجتماعية وفكرية
يعاني منها مجتمعنا كانت مختبئة في ثوب النهضة والرقي المادي ..بل إن الصورة
الجميلة لبعض الشخصيات الرفيعة في المجتمع قد تهشمت أمام هذا الحدث وتكشفت سرائر
الكثيرين ممن كانت صورهم لا تعبر عن حقائقهم..أصبح الجميع فجأة يعتلي منصة القضاء
ويشعرك من شدة خصومته كأنه كان يتحين الفرصة لينقض على هؤلاء الإصلاحيين بل كآن الخصومة معه هو شخصيا .. والأسباب
أتركها لخيالكم ..
لقد كشفت لنا الأزمة عن سطحية الانتماء للوطن لدى
البعض فقد حصروه في موافقة كلام النائب العام وتأييده بكل وسيلة.. وأي موقف آخر يدل على الخيانة والعمالة الخارجية
..ولم يعطوا أنفسهم الفرصة ليتأملوا تاريخ هؤلاء
المعتقلين وكيف أثبتوا بأفعالهم وانجازاتهم انتماءهم الصادق لهذا الوطن .
كما أكدت لنا الأحداث أن هناك فئة من الناس تنحصر
اهتماماتهم في توفير الماديات والخدمات والحياة الهادئة ويصفون الحياة الكريمة
بأنك تأكل أفضل الطعام وتسكن منزلا تملكه وتتزوج بمنحة صندوق الزواج .. ويقارنون
أنفسهم بالحال في دول أخرى أشد فقرا ونسيت هذه الفئة أن القفص الذهبي لن يشعر
العصفور يوما بالسعادة فالحرية جزء من فطرته وإن تناساها لكنها لن تنساه ..
كشفت لنا الأزمة بما لا يدع مجالا للشك أن بعض شبابنا
يفتقر لأبجديات الحوار الراقي ولم يتعودوا على تحليل الأمور ونقد الأحداث
والانفتاح على الآخر .. لذلك كانت ردة فعلهم تجاه أول حدث يواجهونه هو التخوين
واللاموضوعية .. والبعض الآخر انسحب من المشهد بهدوء لأنه اعتاد أن يكون مستهلكا
فحسب ولم يتعود على المشاركة وابداء الرأي وسينتظر النهاية ليصفق لها بحرارة
هذه الأزمة ستنتهي ولا شك .. ومهما كانت اختيارات
البشر لنهاية القصة فإن اختيار الله تعالى ثابت لا يتغير فهو سبحانه مع
المظلوم.. فقد وعده بأن يأخذ له حقه ولو
بعد حين ..حتى وإن فرح الظالم زمنا قصيرا .. فليكن على يقين بأن الحسرة والذل
والمهانة سترافقه أزمانا.. بل سينتظره سوء عمله في الآخرة.. ولن ينجو حتى يقتص من
حسناته ..
قد يكون استطاع خداع بعض الناس وزيف لهم الحقائق ولكن
يستحيل أن يخدع رب العالمين السميع البصير الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور
.وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
وطني الحبيب .. أنت وطن عظيم .. قهرت الصعاب وحققت ما
عجز عنه الكثيرون .. نحن نحبك ونتمنى لك أن تعتلي قمة العالم .. وهذا لن يحدث وأنت
تسمح لبعض أبنائك بأن يصادروا حرية البعض الآخر ويمنعوهم حقهم في أن يصنعوا منك
وطنا أجمل ..
وطني الغالي .. نحبك وسنظل نحبك مهما حدث .. فنحن لا
نعرف غيرك .. بل لن نكون لغيرك يوما ما .. وسنظل نحلم باليوم الذي يكون فيه أبناؤك
أكثر فاعلية في صناعة أمجادك ..
وهذا اليوم آت
لا محالة ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق