منذ شهرين ،والدولة تعصف بها أحداث كثيرة ،وماجت في أحاديث كثيرة ،غلب عليها لغة الشك، والتخوين، واستعجال الاحكام، وتهيئة الشارع الإماراتي لأحكام قاسية سيتعرض لها 94 متهماً ومتهمةً في أكبر قضية سياسية تشهدها الدولة منذ تأسيسها.
منعطف خطير، ومخاض عسير، لن
تعود بعده الدولة كما كانت سابقاً ، فإما أن يفرض جهاز الأمن بأذرعه العديدة ،سطوته
على كل طبقات الشعب، ومفاصل الحياة في الدولة، وإما أن يعود لحجمه الحقيقي، وعمله
الأساسي، وهو حماية الوطن من الأخطار(الحقيقية)، الداخلية منها والخارجية، وعودة
سطوة القانون المدني وعلوّه على قانون الطوارئ.
مرافعة النيابة في 7/5/2013 كشفت عن
جوانب كثيرة من نوايا نيابة أمن الدولة ،حيث أصرت على نفس التهم ،من السعي لقلب نظام الحكم ،ومناهضة المبادئ الأساسية،
وغيرها من تهم ،رغم هزالة أدلتهم التي ساقوها للقاضي ،والجمهور الإماراتي من خلفه،
لكنهم أصروا عليها حتى الجلسة التاسعة ، واتكؤوا على حملة إعلامية غير مسبوقة في
كل أجهزة إعلام الدولة (والتي جميعها حكومية) ،وتبني شخصيات محلية لهذه الحملة
فالمغريات كثيرة !!
المراهنة على تململ الشارع ،وسكوت أهالي
المعتقلين، وخضوعهم لترهيب جهاز الأمن كان رهانا خاسرا، رغم الظروف المهيأة لذلك ،
لكن يأبى الحر أن يسكت عن حقه، وأن تعود له حقوقه، وأي حق أعظم من أن تعود حرية
والدك ، أو أخيك، أو ابنك ، وأكبر شاهد على ذلك اعتقال البطل عبدالله الحديدي، الذي
رفض التهديدات المتواصلة له بالسكوت وعدم نقل أحداث وقائع المحاكمة إلى الشارع
الإماراتي والخليجي.
لذلك فخيار الأحكام القاسية، ثم العفو عن
المتهمين ،هو السيناريو الأقرب لحفظ ما بقي من ماء وجه السلطات الأمنية، وهذا ما
توصلوا له، فقد ألمحوا للمعتقلين في سجونهم بذلك أكثر من مرة ، فردّ المعتقلون
الأحرار في جلسات المحاكمة بإصرارهم على القاضي أنهم لن يخرجوا من هذا السجن إلا
ببراءة تبرئهم أمام شعب الإمارات الذي يتابع القضية منذ بدايتها من كل التهم
المنسوبة لهم والتي تذاع يوميا في وسائل الإعلام العديدة.
أحمد السويدي – أحمد الزعابي – أحمد
الطابور – عيسى السري – سالم حمدون – راشد الركن – عبدالله الهاجري – ابراهيم
المرزوقي وغيرهم كثير ممن ذاقوا صنوف التعذيب البدني واجتمعوا مع البقية في
التعذيب النفسي الموحد ، في حال البراءة أو الادانة، فمن سيقف عند الانتهاكات التي
مروا بها ،ومحاسبة الجلادين ومنتهكي القانون ؟ وماذا سيضمن عدم تكرارها في الدولة
بأشخاص آخرين وتهم أخرى ؟
الدولة لها سياسة واضحة ،وكل مواطني الدولة يقفون مع قيادتهم ،بمن فيهم دعاة الإصلاح، فهم جزء من المجتمع منذ تأسيس الدولة ،ولا ينكر هذه الحقيقة إلا جاهل أو حاقد ، مواصلة المسيرة لهذه الرؤية الحضارية ،هدف الجميع ،ويكون تحقيقه بجمع الصفوف ،ورصّها ،والترفع عن السفاسف، ومواكبة متغيرات العصر، لا الإبقاء على العقلية الرجعية في القيادة والإدارة.
ما نجمع عليه ،أن كل يوم تتأخر فيه الحكمة عن حل المعضلة المفصلية في الدولة، يكون نتيجتها استمرار انحدار سمعة وتقييم دولة الإمارات في المحافل الدولية ،وزيادة الضغائن في الدولة ،وهذا ما لم يكن في الدولة سابقاً ،ما نتأمل أن ينتهي في أقرب وقت،بصورة مرضية للجميع، تضمن كرامة ،وحرية ،كل مواطن إماراتي على أرض هذه الدولة الطيبة.
لذا فان الجميع يتساءل: ماذا بعد محاكمة
أحرار الإمارات ؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق