السبت، 22 يونيو 2013

هل استفاد الأمن الاماراتي من كتاب صلاح نصر حول الحرب النفسية؟


المتابع لمجريات الانتهاكات التي تعرض لها معتقلو" دعوة الاصلاح" والتي تسربت خلال جلسات المحاكمة ، يلحظ تشابها عجيبا غريبا بينها وبين الأساليب التي طبقتها أجهزة الأمن المصرية زمن الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر ، والتي نظر لها صلاح نصر نائب رئيس المخابرات المصرية في كتابه (الحرب النفسية..معركه الكلمة والمعتقد)، نترك القارئ الكريم مع هذه المقتطفات من الكتاب ، الذي يكشف جانبا من الممارسات القذرة التي تعرض لها أحرار الامارات.

يقول صلاح نصر في الفصل الثاني من الجزء الثاني من كتابه تحت عنوان (الحرب النفسية..اصطلاح جديد . . غسيل المخ ) ، تختلف الأساليب المتبعة في تقويم الفكر تبعا للظروف وتبعا للجماعة التي تكون هدفا للبحث , ولكن الأصول الأساسية واحدة متماثلة في كل الحالات فهي تهدف إلى السيطرة على جميع الظروف المحيطة بالحياة الاجتماعية والجسمانية للفرد أو للجماعات لإثبات أن الأفكار الفردية غير صحيحة ويجب أن تتغير كما تهدف إلى تنمية الطاعة والإخلاص لعقيدة معينة ،فللسيطرة على بيئة الشخص الاجتماعية تبذل كل محاولة لتحطيم ولائه لأي فرد أو جماعة خارجة ،ويصحب هذا أن يوضح للشخص أن اتجاهاته وطوابع تفكيره غير صحيحة ويجب تغييرها، كما يجب أن يعطى ولائه الكامل لعقيدة معينة ويخضع لها دون تردد .. وعلى سبيل المثال استخدمت الأساليب التالية في السجون السياسية المختلفة :

1- عزل الشخص عن الحياة العامة :

وذلك بأن يزج الفرد في زنزانة ذات أبواب حديدية ،وفي داخل أسوار حديدية ،بعيدا عن كل معارفه، وعن كل مصادر المعلومات ،وصور الحياة العادية ،وهو في هذه الحالة يصبح نهبا للتعليقات ،والتحذيرات المفزعة ،ويغشى عقله غيوم تحجب عنه ما يدور خارج سور زنزانته، ولم يختلف التكنيك الذي يستخدم اليوم عن ذلك الذي استخدم أيام محاكم التفتيش أو الذي استخدمه النازيون مع أسراهم في معسكرات الاعتقال .

لقد كان ترك الأسير لمدة طويلة دون أن توجه إليه أية اتهامات ودون السماح لتسرب أية أخبار إليه عن أسرته أو عن العالم الخارجي ، فيشعر الفرد بأنه أصبح وحيدا في هذا العالم، ولا يوجد بجواره من يستطيع أن يعاونه في محنته، يشجع على ذلك أن أخلص أصدقائه وأحبائه عادة لا تواتيهم الجرأة ليسألوا عن مكانه ،أو يشيروا إلى أنهم على معرفة به، خشية التعرض للاعتقال ،والاستجواب، ومن ثم يتم عزله . وبعد فترة من القلق المستمر وبتطبيق بعض الأساليب الأخرى التي سنذكرها بعد ذلك يبدأ الاستجواب ومن المحتمل أن يتحطم الإنسان تلقائيا وبدرجة ملموسة نتيجة القلق والتفكير الطويل فيما يعترف به ويصبح في حالة بؤس وتعاسة.

وغالبا ما يناله الضعف والوهن، نتيجة هذه الآلام الطويلة وما يصاحبها من ضغط فسيولوجي، بحيث يصبح عقله ملبدا بالغيوم ،فلا يستطيع أن يميز أي شيء ،ويهبط إلى قرارة نفسه أي إيحاء يقدم إليه بواسطة الأخبار أو الحيلة .

وهناك وسائل معروفة استخدمت في السجون السياسية وهي أن يوحي إلى السجين بأن بلاده لم تعد ترفع صوتا واحدا من أجله ، وأن محبيه وأصدقاءه تخلوا عنه مما يجعله يشعر بأنه أصبح وحيدا تماما فينقاد إلى المحاكمة الممزقة مسلوب الإرادة تحت أشد الظروف وطأة وعنفا " .

2- الضغط الجسماني :

وهذا يتفاوت من الحرمان من الطعام ومن النوم إلى التصفيد بالأغلال كعقوبة لعدم التعاون مع المستجوب والهدف من هذا كله هو الوصول بالفرد إلى درجة من الإعياء والانهيار بحيث يكون عقله قابلا فينقاد لتقبل أي توجيه من المستجوب .

والواقع أن الجوع يلعب دورا أساسيا في عملية غسيل المخ لأن الإنسان لا يستطيع أن يستمر في حياته العادية دون أحوال بيولوجية معينة منها الغذاء اللازم لبناء خلايا الجسم وتجديدها .

والتغذية السليمة هنا ليست بكمية الغذاء الذي تمتلئ به المعدة فأننا نعرف أن الجسم يحتاج إلى نسبة معينة من المواد العضوية والفيتامينات التي تمكنه من تأدية وظيفته ،والوجبات الغذائية غير المتوازنة تخلق في الإنسان نوعا من الجوع فالعبرة هنا ليست بالبطون المنتفخة ذات البنية الضعيفة والذهن المشتت ولكن التغذية الجيدة هي التي تعمل على توازن الوجبات التي تعطي الجسم طاقته اللازمة .

ولقد استخدم التجويع بهذا المعنى كعنصر من عناصر عملية غسيل المخ إذ كان يعطي للسجين ما يكفيه من أطعمة تمكنه على قيد الحياة وليس بالكمية التي يتطلبها الجسم لجعل ذهنه يؤدي وظائفه بدرجة كافية . وكانت الأطعمة التي تقدم له تعدل بين فقرة وأخرى لتحقق الهدف المطلوب إذ كانت نسب الطعام توضع تبعا لصفات المقاومة التي يتصف بها الفرد فكلما ازدادت مقاومته تعمد المستجوبون تجويعه .

إن الجوع يجعل الإنسان يسير نحو حتفه بمحض إرادته بل قد يدفعه إذا وصل إلى درجة مفزعة إلى أن يتخلى عن معتقداته وقيمه خاصة إذا عاون ذلك ظروف مضنية أخرى .

والإجهاد لا يقل تأثيرا على الإنسان عن الجوع بل قد يبزه إذ أن الجسم يحتاج يوميا لعدد معين من الساعات للراحة والنوم وقد يظل بعض الناس في فترة من الفترات دون نوم لمدة يوم كامل , وظل الكثيرون على قيد الحياة بقسط لا يذكر من النوم إلا أن الاستمرار في ذلك من شأنه أن يقضي على صفاء الذهن ويؤدي بأقوى الأشخاص إلى الجنون والانتحار لأن الإنسان يصل في النهاية إلى درجة من الانهيار وتشويش ملكاته العقلية وفقدانه كل إحساس .

ويستغل المستجوبون في السجون السياسية هذا كله مهيئين بيئة يصبح فيها النوم شبه مستحيل , إذ يوقظون الفرد في ساعة غير عادية أو يجبرونه على الاستيقاظ كلما نام أو يوقظ في غلظة وخشونة ثم يستجوب لفترة قصيرة ويعاد ثانية لزنزانته والهدف من ذلك كله هو إجهاد المتهم أو الأسير حتى يصل في النهاية إلى درجة الانهيار تمكن المستجوب من الإيحاء إليه بما يريد .

3- التهديدات وأعمال العنف :

يتخذ هذا الأسلوب شكلين متناقضين ، فأما أن يكون مباشرا كاستخدام العنف والضرب والركل حتى الموت وربط السجين بشدة إلى أسفل بحيث لا يستطيع حراكا ثم يوضع حجر ثقيل فوقه ويترك هكذا لمدة طويلة إلى غير ذلك من الوسائل غير الإنسانية .

وأما أن يكون التهديد والعنف بشكل غير مباشر فمثلا قد يتحدث المستجوب مع السجين بمنطق هادئ بينما يجعله يكتشف عن طريق شخص آخر أن صديقه الذي لم يتعاون قد ضرب أو عدم .

وكانت لهذه الطريقة وسائل كثيرة فمثلا قد يعامل الفرد معاملة ودية طيبة ويتكرم المستجوب فيعطيه لفافة تبغ ، وفي أثناء الحديث يسمع هذا الفرد زميله في الغرفة المجاورة يصرخ من الألم لرفضه الإجابة عن نفس الأسئلة الموجهة إليه أو أن يوضع عدد من الأسرى في زنزانة واحدة وعندما يعود أحد الزملاء مخضبا بدمائه كقطعة من اللحم أو تعاد ملابسه في لفافة صغيرة يكون هذا كافيا للآخرين كصورة من التهديد غير المباشر . ومن الأساليب الوحشية التي تستخدم في مثل تلك الحالات وضع الفرد في غرفة على شكل إناء كبير ثم يوثق داخل الإناء بحيث لا يستطيع التحرك ويصب الماء بعد ذلك ببطء داخل الإناء حتى يصل مستوى الماء إلى طرف أنفه . على أن الشخص الذي تقام عليه هذه التجربة وتكرر لفترات طويلة قد تصل إلى الشهر لا يستطيع في كل مرة أن يعرف عند أي مستوى سيصل الماء فتارة يقف المستوي عند عينه وأحيانا يصل إلى فمه مما يجعله يصارع بشدة لإبقاء رأسه خارج مستوى الماء .

ومن هذه الأساليب نفسها مثل مأخوذ من الحرب العالمية الثانية إذ يجرد أسير الحرب من ملابسه ويوضع في العراء في طقس درجة حرارته تحت الصفر ثم يدلي بقدميه في حوض كبير ممتلئ بماء سرعان ما يتجمد أو يوضع الأسير في أحد الأركان ويستجوب في أثناء تساقط من الماء فوق رأسه كل دقيقة ويستمر ذلك لساعات كاملة .

4- الإذلال والضغوط :

تعتمد هذه الوسيلة على إتباع كل نظم السجن التي تتطلب الخضوع التام مع الإذلال في أسلوب تناول الطعام والنوم والاغتسال وما إلى هذا طبقا لنظم محددة مع عدم القيام بأي عمل دون الحصول على أذن من الحارس وانحناء الرأس وإبقاء الأعين موجهة إلى الأرض أثناء التحدث إلى الحراس كما تستخدم الضغوط الاجتماعية مثل الاستجواب لمدة طويلة ومثل عقد اجتماعات يحاول فيها الإفراد الذين تقدموا في عمليات التقويم حث الأفراد الأقل تقدما باستخدام عدة وسائل مختلفة , كالتمسك والمداهنة والإزعاج والمضايقة أو محاولة إذلالهم وسبهم .



انتهى كلام صلاح نصر . . في كتابه (الحرب النفسية..معركه الكلمة والمعتقد) والتي طبقت كثير من محتوياته على دعاة الاصلاح في الامارات ؟ ! !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق