الاختلاف سنة ماضية إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها، وهو حقيقة ماثلة للعيان، ولا يمكن جمع الناس على رأي واحد أو قناعة واحدة، سواءٌ كان ذلك في أمور الدنيا أو في قضايا الآخرة. وسبب ذلك أنهم خُلقوا مختلفين في الفهم والعلم، كما خُلقوا مختلفين في الأمزجة والميول والرغبات، وفي الضعف والقوة والصبر على العلم والعمل.
وسبب الاختلاف في الأمور الدينية هو أن كثيرًا من نصوص القرآن والسنة ظنية الدلالة، أي تحتمل أكثر من وجه من وجوه التأويل؛ فإذا أُضيف إلى هذا اختلاف العقول في العلم والفهم كانت النتيجة الطبيعية اختلاف وجهات النظر، هذا فيما عدا ما هو معلوم من الدين بالضرورة، وفي أساسيات الدين وأركانه، كأركان الإيمان، وأركان الإسلام؛ فهذه مما لا يجوز اختلاف الآراء فيه.
ولو كانت نصوص القرآن والسنة قطعية الدلالة لا تحتمل سوى وجه واحد من وجوه التفسير، ولو تساوت العقول والأفهام، لما كان هناك اختلاف، وهذا هو خلاف الواقع المحسوس. لكن اختلاف الآراء ينبغي ألا يؤديَ إلى اختلاف القلوب؛ لأن اختلاف القلوب حرام، وهو خطر يتهدد الإيمان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه: "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا" (رواه البخاري) ؛ فالإيمان شرط لدخول الجنة، ومحبة المسلمين بعضهم بعضًا شرط لكمال الإيمان .
وأود هنا أن أورد كلامًا نفيسًا قيمًا ذكره صاحب كتاب "ثلاث رسائل في الدعوة" سوف يغنيني عن كثيرٍ من التعليق والشرح والتوضيح، فيقول: "إن الله عز وجل يقول: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ الأنبياء: 92. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا تختلفوا فتختلف قلوبكم" متفق عليه .
نعم.. لم يكن شيء أبغض إليه- صلى الله عليه وسلم- بعد الكفر من الاختلاف والتنازع، ومن أجل ذلك قال: "الجماعة رحمة، والفرقة عذاب" رواه أحمد.
وجعل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الخلاف والنزاع هو سبب الهلاك، فقال: "إنما هلك بنو إسرائيل بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم" رواه مسلم وأحمد. ولقد كره سلفنا الصالح الخلاف والشقاق واعتبروه شرًّا لا خير فيه، قال ابن مسعود رضي الله عنه: "الخلاف شرٌّ".
ولكن مشيئة الله- سبحانه وتعالى- قد اقتضت أن يكون الخلاف بين البشر سنةً من سنن الله الكونية، قال تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ سورة هود (118).
ونودّ أن نُشير هنا إلى أن الاختلاف الذي يقع بين الأمة منه ما يكون في أمور العقيدة والأصول، ومنه ما يكون في مسائل الفروع والأحكام، ولا خلاف في أنه بالنسبة للنوع الأول لا بدّ من الإنكار على من خالف العقيدة الصحيحة، ولا بدّ من دحض شبهات أصحابه.
وأما النوع الثاني فهو الذي نقصده بحديثنا هنا، ونُريد أن نبين شيئًا من الأدب الذي كان يلتزمه سلفنا الصالح إذا ما وقع بينهم شيء من هذا الخلاف.
يقول الشيخ رشيد رضا في تقدمته لكتاب (المغني) لابن قدامة: "ولما كان الاختلاف في الفهم من طبائع البشر خُصّ الاختلاف المذموم بما كان عن تفرقة أو سببًا للتفرق، وجرى على ذلك السلف الصالح، فحظروا فتح باب الآراء في العقائد، وجعلوها في الفروع، وكان بعضهم يعذر بعضًا في المسائل الاجتهادية ولا يكلفه موافقته في فهمه".
إن مثل هذه الصورة المتسامحة التي ذكرها الشيخ رشيد عن السلف الصالح جعلت بعض أهل العلم يُحاولون أن يجعلوا اختلاف الأمة في مسائل الأحكام رحمةً، وذكروا في ذلك حديث: "اختلاف أمتي رحمة"، ولما كان هذا الحديث لا أصل له كما يقول المحدثون فقد قال بعضهم- وهو الإمام السيوطي-: "لعلّ له أصلاً كان في بعض الكتب ثم سقط".
هذا بينما ينكر بعض العلماء، كابن حزم، أن يكون الاختلاف رحمةً على أي وجه من الوجوه، ويراه كله عذابًا.
وأيًّا ما كان الأمر، فإننا نُريد أن نصل إلى قضية مهمة، وهي: كيف نعالج وجود هذا الخلاف؟ وكيف نتعامل معه؟ فتلك قضية جديرة بالبحث والدراسة؛ ذلك أن الأمة قد ابتُليت على مدار تاريخها بمن يسيء فهم هذه القضية.
ولقد وصل الحال ببعض الحنفية المتأخرين أن يأبَوا أن يزوجوا بناتهم من الشافعية، أو يتزوجوا هم من نسائهم؛ وذلك لأن الشافعية يُجوّزون أن يستثنيَ المرء في إيمانه، فيقول: أنا مؤمن إن شاء الله، وهذا عند الحنفية غير جائز؛ لأنه شكّ في الإيمان، ومن شكّ في إيمانه فليس بمسلم، ثم تساهل بعضهم فقالوا: "لا بأس أن نعامل الشافعية معاملة أهل الكتاب فنتزوج نساءهم ولا نزوجهم نساءنا"!!.
أما العامة فحدّث عن تعصبهم لأئمتهم ولا حرج، وقد ذكر الشيخ رشيد رضا في تقدمته لكتاب "المغني" أنه علم أن "أفغانيًّا حنفيًّا كسر سبابة رجل كان يصلي إلى جواره لأنه وجده يُشير بها في التشهد!!".
ولقد كان الناس في بعض البلدان إلى عهد قريب يصلون في المسجد الواحد أربع جماعات؛ لكل مذهب جماعة وإمام.
وإحقاقًا للحق فإن هذه الصورة الذّميمة قد انقرضت من كثيرٍ من بلدان المسلمين، ومع انتشار الصحوة الإسلامية المباركة نأمل أن تزول البقية منها.
إننا نلمح في كتاب الله- عز وجل- إشارات إلى أدب الخلاف؛ فمن ذلك ما رواه البخاري عن عبد الله، قال: كاد الخيّران أن يهلكا- أبو بكر وعمر رضي الله عنهما- رفعا أصواتهما عند النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم عليه ركب من بني تميم، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس، وأشار الآخر بالقعقاع بن معد بن زرارة، فقال أبو بكر لعمر: "ما أردت إلا خلافي" قال عمر: "ما أردت خلافك" فارتفعت أصواتهما في ذلك، فأنزل الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾ الحجرات: 2.
قال ابن الزبير: "فما كان عمر يُسْمِعُ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم- بعد هذه الآية حتى يستفهمه". وهذا النص يوضّح لنا كيف نختلف في الرأي، ومع ذلك لا يعتدي بعضنا على بعض، ولا ترتفع أصواتنا عند الخلاف، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاً آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79)﴾ (الأنبياء)، فخصَّ سليمان بالفهم، وأثنى عليهما بالحكم والعلم.
ومن هذا النص نستخلص أن القرآن الكريم يذكر طائفتين اختلفتا، ومع ذلك لا يذمّ واحدةً منهما، ليعلّمنا أنه في مثل هذه الأمور ينبغي أن يقرّ بعضنا بعضًا.
وفي قصة سليمان وداود ما يُشير- والله أعلم- إلى أن الرأيين ليسا متساويين، بل حكم سليمان أصوب؛ لأنه خصّ بالفهم، مع ذلك أثنى عليهما جميعًا بالحكم والعلم.
أدب الخلاف
وفي السنة المطهرة حوادث كثيرة تجسِّد أدب الخلاف؛ فمنها ما رواه أبو سعيد الخدري (رضي الله عنه) قال: "خرج رجلان في سفر، فحضرت الصلاة وليس معهما ماء، فتيمما صعيدًا طيبًا، فصليا، ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الوضوءَ والصلاةَ، ولم يُعِد الآخر، ثم أتيا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فذكرا ذلك له، فقال للذي لم يُعد: "أصبت السنة، وأجزأتك صلاتك"، وقال للذي توضأ وأعاد: "لك الأجر مرتين" ( رواه أبو داود والنسائي .
وروى البخاري ومسلم أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال يوم الأحزاب: "لا يُصلينَّ أحدكم العصر إلا في بني قُريظة" فأدرك بعضَهم العصرُ في الطريق، فقال: لا نُصلي حتى نأتيَها، أي ديار بني قريظة، وقال بعضهم: بل نصلي، لم يُرد منا ذلك، فذُكر ذلك للنبي- صلى الله عليه وسلم- فلم يعنف واحدًا منهما.
فها هنا فريقان: فريق تمسَّك بظاهر النصّ، فأبى أن يُصلِّيَ إلا في بني قريظة، حتى لو خرج وقت الصلاة، وفريق استنبط من النصّ معنى خصّصه به، ففهموا أن المقصود هو الإسراع، فصلّوا في الطريق وأسرعوا، ومع ذلك لم يُعنّف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أيًّا منهما.
وقد ذكر ابن القيم- رحمه الله- في زاد المعاد أن كلاًّ من الفريقين مأجور بقصده، إلا أن من صلى حاز الفضيلتين: امتثال الأمر في الإسراع، وامتثال الأمر في المحافظة على الوقت، وإنما لم يعنف الذين أخروها؛ لقيام عذرهم للتمسك بظاهر الأمر؛ ولأنهم اجتهدوا، لكنهم لم يصلوا إلى أن يكون اجتهادهم أصوب من الطائفة الأخرى.
ونودّ التركيز هنا على كون إحدى الطائفتين أصوب من الأخرى؛ لأن معنى ذلك أن ترك الإنكار لا يكون فقط إذا كان القولان متساويين، بل حتى لو كنت ترى قولك أصوب من الآخر، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم فيه فقوِّموا" (متفق عليه).
فها هو رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يُنبههم إلى ترك القراءة إذا ما حدث خلاف في بعض أحرف القراءة، أو فهم بعض المعاني حتى لا تختلف القلوب، ويحدث الشقاق والنزاع، فأي بيان لمراعاة أدب الخلاف أفضل من هذا؟!
والأمثلة التطبيقية من سيرة علمائنا الإجلاء كثيرة، وأكثر من أن تعد؛ فمنها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
1- لما كتب الإمام مالك الموطأ أراد أبو جعفر المنصور أن يحمل الناس جميعًا عليه، فأبى مالك- رحمه الله- فقال: "يا أمير المؤمنين.. إن أصحاب رسول الله قد تفرَّقوا في الأمصار، ومع كلٍّ منهم علم، فدع الناس وما اختار أهل كل بلد لأنفسهم".
2- وكان الإمام أحمد بن حنبل يرى أن خروج الدم ينقض الوضوء، ولكنه لما سئل: أتصلي خلف رجلٍ احتجم ولم يتوضأ؟ قال: "سبحان الله!!.. كيف لا أصلي خلف مالك بن أنس وسعيد بن المسيب؟!".
3- وورد عن الشافعي- رحمه الله- أنه صلى مع جماعةٍ من الأحناف في مكانٍ قرب قبر أبي حنيفة، فترك القنوت في صلاة الصبح مع أنه سنة مؤكدة عنده.
4- وصلّى أبو يوسف خلف هارون الرشيد وقد احتجم، وأفتاه مالك بعدم وجوب الوضوء، فصلَّى خلفه أبو يوسف ولم يُعِد الصلاة، مع أن مذهب أبي يوسف أن الحجامة تنقض الوضوء.
آداب الخلاف
في ضوء ما سبق يمكننا أن نستخلص بعض الآداب التي يجب أن نتحلّى بها عند الخلاف، وهي: أولاً: ينبغي على المسلمين أن يحاولوا ألا يختلفوا ما أمكنهم ذلك؛ لأن الخلاف شرّ، والفرقة عذاب.
ثانيًا: فإذا ما وقع الخلاف فإن القاعدة في ذلك هي قوله تعالى: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ﴾ (الشورى: من الآية 10)، فلا بدّ من الردّ إلى كتاب الله وسنّة رسوله.
ثالثًا: فإن حدث- نتيجة اختلاف الأفهام- أن بقيَ خلافٌ بعد ذلك، فإن الخلاف في مسائل الفروع لا يُوجِد فرقةً ولا شقاقاً، ويمكننا أن نستخلص من سيرة السلف الصالح ما يلي:
1 - أنهم كانوا يختلفون، ومع ذلك كانوا متحابِّين متآخين؛ فعلى سبيل المثال: اختلف أبو بكر وعمر في مسائل مثل سَبْي المرتدين، وقسمة الأراضي المفتوحة، والمفاضلة في العطاء، ومع ذلك لم يكن بينهما إلا الودّ والمحبة، وحينما استخلف أبو بكر عمر وأخذ بعض الناس يخوّفونه بالله، وأنه ولّى عليهم فظًّا غليظًا، ويقولون له: "ماذا تقول لربك غدًا؟!"، فيقول (رضي الله عنه): "أقول اللهم إني استخلفت عليهم خير أهلك".
2 - كان يُقر بعضهم بعضًا، ولا يُنكر بعضهم على بعض، يقول ابن أبي العزّ في شرح الطحاوية بعد كلامٍ له حول هذا الموضوع: "فإنهم- يرحمهم الله- أقر بعضهم بعضًا، ولم يبغِ بعضهم على بعض، كما كان الصحابة في خلافة عمر وعثمان يتنازعون في بعض مسائل الاجتهاد، فيقرّ بعضهم بعضًا، ولا يُعتَدى عليه".
3 - أنهم كانوا يعذر بعضهم بعضًا في هذه المسائل، ويقول: "لعلّ له تأويلاً في المسألة، أو لعلّ الحديث لم يصله"؛ ولذلك يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في "رفع الملام": "إننا إن وجدنا لواحد من الأئمة المقبولين قولاً يُخالف حديثًا صحيحًا فلا بدّ له من عذرٍ في تركه". ويقول: "إن جميع الأعذار ثلاثة:
أحدهما: عدم اعتقاده أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قاله.
الثاني: عدم إرادة تلك المسألة بذلك القول.
الثالث: اعتقاده أن ذلك الحكم منسوخ".
4 - كان يدعو بعضهم لبعض، ويثني بعضهم على بعض ثناءً جميلاً كريمًا رغم ما بينهم من اختلافٍ في الرأي؛ لذا يقول الإمام أحمد بن حنبل: "ما صليتُ صلاةً منذ أربعين سنة إلا وأنا أدعو للشافعي رحمه الله"، فقال له ابنه عبد الله: "أيّ رجل كان الشافعي حتى تدعوَ له كل هذا الدعاء؟!" فقال أحمد: "يا بني.. كان الشافعي- رحمه الله- كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس، فانظر هل لهذين من خلف؟!".
ويقول كذلك: "ما مسّ أحد بيده محبرة إلا وللشافعي في عنقه منة".
وقال الشافعي: "إذا ذُكر العلماء فمالك النجم الثاقب، وما أحدٌ أمنّ علي من مالك".
ولله در القائل:
كونوا جميعًا يا بَنِيَّ إذا اعترى خطْبٌ ولا تتفرقوا أفـرادًا
تأبى العِصِيُّ إذا اجتمعن تكسُّرًا وإذا افترقْنَ تكسَّرت آحادًا
تأبى العِصِيُّ إذا اجتمعن تكسُّرًا وإذا افترقْنَ تكسَّرت آحادًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق